إمام العصر اغتيل بعد صلاة الفجر
الدكتور الشيخ: علاء الدين زعتري
الحمد لله الذي أعز العرب والأمم بالإسلام، ووضع سبيلاً للنصر هو الجهاد والاستشهاد، وعقد أغلى صفقة في الكون؛ بأن اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله؛ الذي أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة وأحيا أمماً وأجيالاً، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، وأيقظ شعوباً وأقواماً، وصنع رجالاً وأبطالاً؛ حتى قال آخرهم: (أملي أن يرضي الله عني).
أما بعد: فإن من صحة الإيمان الاعتقاد بأنه لا يموت الإنسان إلا عند انقضاء أجله، ولا ينتقل من هذه الدنيا إلا مع انتهاء عمره، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} والمسلم لا يقاس عمره بالأيام والسنوات، بل بالأعمال والتضحيات والبطولات.
ولقد علم القاصي والداني بنبأ استشهاد الشيخ أحمد ياسين؛ شيخ المجاهدين، ومجاهد الشيوخ، وقد قيل فيه الكثير، ومما قيل فيه:
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
وتَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
ووضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
وخرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؟، قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثم أي؟، قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟، قال: الجهاد في سبيل الله.
إن مقتل حارس الأقصى هز قلب كل مسلم، وجرح مشاعره، وفاضت بالأعين أدمع، وجهشت بالبكاء حناجر.
وتردد صدى قول الله تعالى: { والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم* سيهديهم ويصلح بالهم* ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم* يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }.
ولقد شق على النفوس سماع خبر استشهاد المجاهد، لا الجهاد، فالجهاد مستمر ما بقي الليل والنهار، وقافلة الأحامد والأماجد تمد الدنيا بشهداء على الحق.
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا
إن دم الشهيد نور ونار، وشرف وعار.
دم الشهيد نور يضيء دروب المؤمنين، وشرف على جبين المسلمين، ووسام على صدور المجاهدين.
دم الشهيد نار على الطغاة الظالمين، وعار على المعتدين الآثمين.
وفي زمن الإفلاس العسكري، والعهر السياسي، والنفاق الاجتماعي، تتحرك القوى لتضرب كراسي المقعدين، أي إنسانية يدعونها!، وأي مدنية ينادون بها!، وأي حضارة يحاولون بناءها!.
ويبقى الإيمان هو الأقوى، فرجل على كرسيه المتحرك، وبأطرافه التي لا تعمل، دوَّخ أعتى الدول، حتى سخرت أقوى الأسلحة الفتاكة، وأحدث الطائرات المتطورة الـ F 16، والأباتشي، لتوجه صواريخ ثلاثة على كرسي يحمل رجلاً بطلاً بفكره، عاجزاً بجسده، رجل لولا الكرسي لما غادر مكانه.
لن ننساك يا أيها الشهيد البطل، يا إمام الوقت والعصر؛ ما دامت في العروق دماء تجري، وما دامت في الصدور قلوب تخفق، فلقد حملت فرض الكفاية عن علماء الأمة، فمَن يخلفك اليوم في هذه المهمة؟!.
يا شيخ المجاهدين، ومجاهد الشيوخ: هنيئاً لك هذه الرفعة والعزة والشموخ.
يا شبيهاً بالفروق عمر؛ إذ اغتالته اليد الآثمة أثناء صلاة الفجر.
يا شبيهاً بذي النورين عثمان؛ إذ فارق الدنيا وهو صائم، وقد غادرتنا يوم اثنين، ونحسبك صائماً.
يا شبيهاً بسيد البطولة والرجولة والفداء، الإمام علي؛ إذ غدروا به على باب المسجد.
لقد جمع الله لك المحاسن والفضائل، فنم قرير العين في جنات الخلد، في مقعد صدق، عند مليك مقتدر.
أما الباقون في الدنيا فحديث الوقائع أقوى من حديث الكلام؛ إذ إنه:
شتان بين ميت يحيي أمة، وبين أحياء يميتون أمماً.
شتان من ضحى بنفسه من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل إنقاذ نفسه.
شتان من ضحى بكرسيه من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل تثبيت كرسيه وعرشه.
شتان من ضحى بالمال من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل المال والمنافع الدنيوية.
لذا نقول: ما مات مَن مات لله، { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }.
وهذا الشيخ المجاهد كان لله.
يا شيخاً ملأ الدنيا بعطائه.
يا شيخاً كوى العدو بجذوة ناره.
يا شيخاً أضاء شعلة الجهاد بمشعل نوره.
يا شيخاً ألهب نفوس المسلمين ومشاعرهم بحركة حماسه.
يا شيخاً أسرج نور المقاومة بزيت وقاره.
يا شيخاً ضحى من أجل الأقصى بعزيز ماله.
يا شيخاً أفنى في سبيل الله عزَّ شبابه.
يا شيخاً قضى شهيداً نهاية حياته.
يا شيخاً ظل صامداً أيام عمره.
يا شيخاً ناضل كافح جاهد حتى وصل إلى نهاية حتفه.
يا رائد الشيوخ: قدت الأمة لأرفع مراتب العزة والشموخ؛ يوم عجزت عن المواجهة الجيوش: حولت للاستشهاد: الأطفال والنساء والعُجَّز والشيوخ.
ولئن كان الشيخ حياً في عالم الأموات، فبعض المسلمين اليوم أموات في عالم الأحياء.
ولئن كان الشيخ قد قتلته يهود، فبعض المسلمين اليوم قتلتهم أيدي القعود.
ولئن كان الشيخ قد قتل في معركة الجهاد، فبعض المسلمين اليوم قد ماتوا في معركة الكلام وزمن الاستعباد.
علمتنا أيها الشيخ المجاهد في حياتك وبعد استشهادك.
فمن الدروس التي استفدناها:
1- أن العظماء في كل البقاع، وفي كل الأزمنة هم الذين يضحون بأنفسهم ونفيسهم من أجل بقاء مبادئهم؛ فالمبادئ هي التي تعيش ولو تقطعت الأجساد، وتمزقت الأعضاء، وتحول البدن إلى أشلاء.
2- أن القوة الحقيقية ليست بالسلاح والنار، وليست بالأجساد والأبدان؛ بل بكمال العقيدة وقوة الإيمان، وبإرادة فولاذية، وعزيمة حديدية.
3- ازددنا معرفة بمدى الحقد المستحكم في قلوب أعداء الله يهود، قال الله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }.
وأنت أيها الشيخ الجليل:
بعد صلاة الفجر عزمتَ ترحلُ عنا.. بعد الفجرِ
في عتبات المسجد أضحى دمكَ الطاهرُ حُرًّا يجري
ودّعتَ الدنيا بسجـودٍ لله بمحـــراب الطهـرِ
يا من لا تحمل كفيكَ كيف حملتَ هموم العصرِ!
يا من لا تملك قدميكَ كيف شققتَ دروب النصرِ!
يا من قد غامت عيناك كيف قنصتَ شعاع الفجرِ!
شيـخَ الأمة : لا ينقصـنا إلا قلبُ إمـامٍ حـر
نحمدُ ربَّ الأقصى أنا عِشنا عصرَ إمام العصرِ
هذه البطولات تذكرنا ببطولات الصحابة الكرام؛ يوم كان الواحد منهم يحمل هم الأمة على كاهله، ويجعل نشر الإسلام على عاتقه، وكأنه الوحيد في الميدان؛ دون توقف عند ظل زائل أو عَرَض حائل أو عارية مستردة.
وقد نقلت وسائل الإعلام عنه أنه يطلب الحياة الأبدية، حياة الأرواح والأجساد، لا حياة المتع والشهوات.
نحو العُلا يا شيبة الإســلامِ وإلى جوار الناصـر العلاّمِ
ياسين إن قتلوك في غدرٍ، فكم قتلوا نبيّاً في نهارٍ دامي !!
ياسينُ يا شيخ البسالة والعلا يا قدوةً لجحافل الإســلامِ
في صوتك المبحوح صدقُ عزيمةٍ أقوى من الآلات والألغـامِ
عبّأت للجنـات ألـف كتيبةٍ وصفعت وجه البغي والإجرامِ
ولسانُ حالك: عيشةٌ أبديّـة في جنّة الأرواح والأجســامِ
هنيئاً لك البطولة والاستشهاد، هنيئاً لك العز والفداء، ليسير المسلون من بعدك على دروب النصر والعطاء، لتستمر المقاومة والجهاد، ويتحقق التحرير والانتصار، ويكون للعدو الذل والاندحار.
ومما يعلم المسلمون مارواه رجال الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"، وأفاض العلماء في بيان معنى الحديث، واستفاض المؤرخون في بيان وقائع الحديث؛ حيث كان الله يقذف الرعب في قلوب أعداء الإسلام والذي يسعوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصره عليهم قبل انطلاقة جيش المسلمين من المدينة بشهر.
واليوم نرى معنى جديداً للحديث؛ فهذا الرجل الذي رأيتم شكله، وعرفتم هيكل جسمه، ونحول عظمه، عيون تكاد لا تبصر، وأيدٍ لا تتحرك من موضعها، وأقدام لا تقوى على النهوض بالجسم النحيل: دوخَّ من على كرسيه عروش الصهاينة الأعداء، وقذف الله في قلوبهم الرعب منه؛ فاستهدفوه وتبجحوا بتنفيذ مهمتهم وتعالت أصوات ضحكاتهم بما غدروا.
وما دروا أنهم بفعلهم هذا أيقظوا ضمائر الشعوب، ولفتوا أنظار العالم إلى مكرهم، ولطخوا سمعتهم بالعار، وجعلوا أمة الإسلام تستيقظ، وتجمع على خيار المقاومة.
وأختم بالقول: شيخ قعيد أحيا أمة، ونال شهادة، فمتى يتحرك صحيح البدن ضعيف الهمة.
سيُنصر المسلمون بالرعب عندما تتحد أهدافهم، وتجتمع أرواحهم، وتتوحد كلمتهم؛ لا إله إلا الله حقاً حقاً، محمد رسول الله صدقاً صدقاً.
الدكتور الشيخ: علاء الدين زعتري
الحمد لله الذي أعز العرب والأمم بالإسلام، ووضع سبيلاً للنصر هو الجهاد والاستشهاد، وعقد أغلى صفقة في الكون؛ بأن اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة.
والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله؛ الذي أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة وأحيا أمماً وأجيالاً، وجاهد في سبيل الله حق جهاده، وأيقظ شعوباً وأقواماً، وصنع رجالاً وأبطالاً؛ حتى قال آخرهم: (أملي أن يرضي الله عني).
أما بعد: فإن من صحة الإيمان الاعتقاد بأنه لا يموت الإنسان إلا عند انقضاء أجله، ولا ينتقل من هذه الدنيا إلا مع انتهاء عمره، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون} والمسلم لا يقاس عمره بالأيام والسنوات، بل بالأعمال والتضحيات والبطولات.
ولقد علم القاصي والداني بنبأ استشهاد الشيخ أحمد ياسين؛ شيخ المجاهدين، ومجاهد الشيوخ، وقد قيل فيه الكثير، ومما قيل فيه:
وثََّقْتَ باللهِ اتصالكَ حينما صلََّيْتَ فجرك تطلب الغفرانا
وتَلَوْتَ آياتِ الكتاب مرتِّلاً متأمِّلاً تتدبَّر القرآنا
ووضعت جبهتك الكريمةَ ساجداً إنَّ السجود ليرفع الإنسانا
وخرجتَ يَتْبَعُكَ الأحبَّة، ما دروا أنَّ الفراقَ من الأحبةِ حانا
كرسيُّكَ المتحرِّك اختصر المدى وطوى بك الآفاقَ والأزمانا
علَّمتَه معنى الإباءِ، فلم يكن مِثل الكراسي الراجفاتِ هَوانا
معك استلذَّ الموتَ، صار وفاؤه مَثَلاً، وصار إِباؤه عنوانا
أشلاءُ كرسيِّ البطولةِ شاهدٌ عَدْلٌ يُدين الغادرَ الخوَّانا
ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلى الله؟، قال: الصلاة على وقتها، قيل: ثم أي؟، قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟، قال: الجهاد في سبيل الله.
إن مقتل حارس الأقصى هز قلب كل مسلم، وجرح مشاعره، وفاضت بالأعين أدمع، وجهشت بالبكاء حناجر.
وتردد صدى قول الله تعالى: { والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم* سيهديهم ويصلح بالهم* ويدخلهم الجنة عرَّفها لهم* يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعساً لهم وأضل أعمالهم * ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم }.
ولقد شق على النفوس سماع خبر استشهاد المجاهد، لا الجهاد، فالجهاد مستمر ما بقي الليل والنهار، وقافلة الأحامد والأماجد تمد الدنيا بشهداء على الحق.
ستظلُّ نجماً في سماءِ جهادنا يا مُقْعَداً جعل العدوَّ جبانا
إن دم الشهيد نور ونار، وشرف وعار.
دم الشهيد نور يضيء دروب المؤمنين، وشرف على جبين المسلمين، ووسام على صدور المجاهدين.
دم الشهيد نار على الطغاة الظالمين، وعار على المعتدين الآثمين.
وفي زمن الإفلاس العسكري، والعهر السياسي، والنفاق الاجتماعي، تتحرك القوى لتضرب كراسي المقعدين، أي إنسانية يدعونها!، وأي مدنية ينادون بها!، وأي حضارة يحاولون بناءها!.
ويبقى الإيمان هو الأقوى، فرجل على كرسيه المتحرك، وبأطرافه التي لا تعمل، دوَّخ أعتى الدول، حتى سخرت أقوى الأسلحة الفتاكة، وأحدث الطائرات المتطورة الـ F 16، والأباتشي، لتوجه صواريخ ثلاثة على كرسي يحمل رجلاً بطلاً بفكره، عاجزاً بجسده، رجل لولا الكرسي لما غادر مكانه.
لن ننساك يا أيها الشهيد البطل، يا إمام الوقت والعصر؛ ما دامت في العروق دماء تجري، وما دامت في الصدور قلوب تخفق، فلقد حملت فرض الكفاية عن علماء الأمة، فمَن يخلفك اليوم في هذه المهمة؟!.
يا شيخ المجاهدين، ومجاهد الشيوخ: هنيئاً لك هذه الرفعة والعزة والشموخ.
يا شبيهاً بالفروق عمر؛ إذ اغتالته اليد الآثمة أثناء صلاة الفجر.
يا شبيهاً بذي النورين عثمان؛ إذ فارق الدنيا وهو صائم، وقد غادرتنا يوم اثنين، ونحسبك صائماً.
يا شبيهاً بسيد البطولة والرجولة والفداء، الإمام علي؛ إذ غدروا به على باب المسجد.
لقد جمع الله لك المحاسن والفضائل، فنم قرير العين في جنات الخلد، في مقعد صدق، عند مليك مقتدر.
أما الباقون في الدنيا فحديث الوقائع أقوى من حديث الكلام؛ إذ إنه:
شتان بين ميت يحيي أمة، وبين أحياء يميتون أمماً.
شتان من ضحى بنفسه من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل إنقاذ نفسه.
شتان من ضحى بكرسيه من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل تثبيت كرسيه وعرشه.
شتان من ضحى بالمال من أجل تحرير الأقصى، وبين من يضحي بالأقصى من أجل المال والمنافع الدنيوية.
لذا نقول: ما مات مَن مات لله، { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين }.
وهذا الشيخ المجاهد كان لله.
يا شيخاً ملأ الدنيا بعطائه.
يا شيخاً كوى العدو بجذوة ناره.
يا شيخاً أضاء شعلة الجهاد بمشعل نوره.
يا شيخاً ألهب نفوس المسلمين ومشاعرهم بحركة حماسه.
يا شيخاً أسرج نور المقاومة بزيت وقاره.
يا شيخاً ضحى من أجل الأقصى بعزيز ماله.
يا شيخاً أفنى في سبيل الله عزَّ شبابه.
يا شيخاً قضى شهيداً نهاية حياته.
يا شيخاً ظل صامداً أيام عمره.
يا شيخاً ناضل كافح جاهد حتى وصل إلى نهاية حتفه.
يا رائد الشيوخ: قدت الأمة لأرفع مراتب العزة والشموخ؛ يوم عجزت عن المواجهة الجيوش: حولت للاستشهاد: الأطفال والنساء والعُجَّز والشيوخ.
ولئن كان الشيخ حياً في عالم الأموات، فبعض المسلمين اليوم أموات في عالم الأحياء.
ولئن كان الشيخ قد قتلته يهود، فبعض المسلمين اليوم قتلتهم أيدي القعود.
ولئن كان الشيخ قد قتل في معركة الجهاد، فبعض المسلمين اليوم قد ماتوا في معركة الكلام وزمن الاستعباد.
علمتنا أيها الشيخ المجاهد في حياتك وبعد استشهادك.
فمن الدروس التي استفدناها:
1- أن العظماء في كل البقاع، وفي كل الأزمنة هم الذين يضحون بأنفسهم ونفيسهم من أجل بقاء مبادئهم؛ فالمبادئ هي التي تعيش ولو تقطعت الأجساد، وتمزقت الأعضاء، وتحول البدن إلى أشلاء.
2- أن القوة الحقيقية ليست بالسلاح والنار، وليست بالأجساد والأبدان؛ بل بكمال العقيدة وقوة الإيمان، وبإرادة فولاذية، وعزيمة حديدية.
3- ازددنا معرفة بمدى الحقد المستحكم في قلوب أعداء الله يهود، قال الله تعالى: {ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم }.
وأنت أيها الشيخ الجليل:
بعد صلاة الفجر عزمتَ ترحلُ عنا.. بعد الفجرِ
في عتبات المسجد أضحى دمكَ الطاهرُ حُرًّا يجري
ودّعتَ الدنيا بسجـودٍ لله بمحـــراب الطهـرِ
يا من لا تحمل كفيكَ كيف حملتَ هموم العصرِ!
يا من لا تملك قدميكَ كيف شققتَ دروب النصرِ!
يا من قد غامت عيناك كيف قنصتَ شعاع الفجرِ!
شيـخَ الأمة : لا ينقصـنا إلا قلبُ إمـامٍ حـر
نحمدُ ربَّ الأقصى أنا عِشنا عصرَ إمام العصرِ
هذه البطولات تذكرنا ببطولات الصحابة الكرام؛ يوم كان الواحد منهم يحمل هم الأمة على كاهله، ويجعل نشر الإسلام على عاتقه، وكأنه الوحيد في الميدان؛ دون توقف عند ظل زائل أو عَرَض حائل أو عارية مستردة.
وقد نقلت وسائل الإعلام عنه أنه يطلب الحياة الأبدية، حياة الأرواح والأجساد، لا حياة المتع والشهوات.
نحو العُلا يا شيبة الإســلامِ وإلى جوار الناصـر العلاّمِ
ياسين إن قتلوك في غدرٍ، فكم قتلوا نبيّاً في نهارٍ دامي !!
ياسينُ يا شيخ البسالة والعلا يا قدوةً لجحافل الإســلامِ
في صوتك المبحوح صدقُ عزيمةٍ أقوى من الآلات والألغـامِ
عبّأت للجنـات ألـف كتيبةٍ وصفعت وجه البغي والإجرامِ
ولسانُ حالك: عيشةٌ أبديّـة في جنّة الأرواح والأجســامِ
هنيئاً لك البطولة والاستشهاد، هنيئاً لك العز والفداء، ليسير المسلون من بعدك على دروب النصر والعطاء، لتستمر المقاومة والجهاد، ويتحقق التحرير والانتصار، ويكون للعدو الذل والاندحار.
ومما يعلم المسلمون مارواه رجال الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"، وأفاض العلماء في بيان معنى الحديث، واستفاض المؤرخون في بيان وقائع الحديث؛ حيث كان الله يقذف الرعب في قلوب أعداء الإسلام والذي يسعوا لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصره عليهم قبل انطلاقة جيش المسلمين من المدينة بشهر.
واليوم نرى معنى جديداً للحديث؛ فهذا الرجل الذي رأيتم شكله، وعرفتم هيكل جسمه، ونحول عظمه، عيون تكاد لا تبصر، وأيدٍ لا تتحرك من موضعها، وأقدام لا تقوى على النهوض بالجسم النحيل: دوخَّ من على كرسيه عروش الصهاينة الأعداء، وقذف الله في قلوبهم الرعب منه؛ فاستهدفوه وتبجحوا بتنفيذ مهمتهم وتعالت أصوات ضحكاتهم بما غدروا.
وما دروا أنهم بفعلهم هذا أيقظوا ضمائر الشعوب، ولفتوا أنظار العالم إلى مكرهم، ولطخوا سمعتهم بالعار، وجعلوا أمة الإسلام تستيقظ، وتجمع على خيار المقاومة.
وأختم بالقول: شيخ قعيد أحيا أمة، ونال شهادة، فمتى يتحرك صحيح البدن ضعيف الهمة.
سيُنصر المسلمون بالرعب عندما تتحد أهدافهم، وتجتمع أرواحهم، وتتوحد كلمتهم؛ لا إله إلا الله حقاً حقاً، محمد رسول الله صدقاً صدقاً.