الاستبداد ودوره في انحطاط المسلمين: طال العهد على الشخصية العربية والإسلامية و هي تعيش في ظل الحكم الاستبدادي فأصابها المسخ , وفاقم هذا التحول ذلك الموروث الديني الفرعوني والفارسي, والتفسيرات الخاطئة للدين ,والتراث المملوكي , وطول الامتثال للمستبد "وأولي الأمر".
ففي مصر الفرعونية كان الملوك يمارسون أقسى أنواع الحكم الثيوقراطي , و بعد عصر الفراعنة عاش المصريون في ظل الحكم الروماني- مروراً بعصر البطالمة الذي امتد نحو ثلاثة قرون - وكان فيه الإمبراطور الروماني ممثلا
للإله ,أي استمرت العلاقة بين الحاكم والمحكومين علاقة إله وعبيد.
وبعد نهاية الحكم البيزنطي و الفارسي للمنطقة العربية ,تعرض المسلم في مصر والشام والحجاز والعراق للاستبداد الأموي والعباسي والفاطمي ....... والمملوكي,ثم الحكم العثماني الذي كان فيه الخليفة ظل الله في الأرض . كما حملت منطقة فارس إرث الحكم الفارسي الذي كان يُنظر فيه أيضا إلي الحاكم علي انه إله,ثم تعرضت بعد ذلك لاستبداد خلفاء المسلمين.
وترسخت قابلية الاستبداد في الشخصية العربية, وبلغ ذلك ذروته عندما امتثل المسلمون في مصر والشام لحكم العبيد والإماء. ويُعد هذا الأمر سابقة انفردت بها شعوب هذه البلاد وهي أن يقبل "الأحرار" حكم "الأرقاء".ذلك هو ما حدث في بلادنا,حكمنا الأرقاء وأورثونا تراثهم,تراث العبيد الذي حملنا على قبول جميع صنوف الاستبداد طوال تاريخنا.وكان المماليك في المجتمع المصري يمثلون القوة والسلطة,ومارسوا قهر المصريين,ونهبهم, وألحقوا بهم أشد صنوف الاستبداد قسوة,مما أفرز-بالضرورة-"خوف" المصريين من السلطة وكل ما يتعلق بالسلطان والعسكر والحاكم.وكان المماليك في البدء عسكر الوالي وجند السلطان,ثم أصبحوا في ما بعد السلاطين والحكام أنفسهم, وترسخ وجودهم فى نسيج المجتمع المصري,وأصبح تراثهم-تراث العبيد- أحد المكونات الأساسية,إلى جانب مكونات أخرى,في الضمير المصري.ولم يكن غريبا عندئذ أن تصاب هذه الشخصية بالسلبية السياسية المزمنة,بعد أن اعتادت أن يسوسها الغير ,وبعد أن تعرضت لمعاول القهر والاستبداد,بدءا من حكم الفراعنة والرومان وخلفاء المسلمين-باستثناء الخلافة الراشدة- وانتهاء بسلاطين المماليك والحكم العثماني.
يقول عباس العقاد في كتابه الديموقراطية في الإسلام: "والجزيرة العربية عرفت قبل الإسلام ضروبا من الاستبداد والطغيان لا تقل عن ضروبه المشهورة التي عرفت عن الشعوب الأخرى,وأن قبائل من العرب الحاضرة والبادية قد سادها ملوك يعتزون بالأمر والنهي بين رعاياهم بغير وازع ولا معترض,ويقيسون عزتهم بمبلغ اقتدارهم على إذلال غيرهم واستطالتهم على من يدعي العزة سواهم" .وعرب البادية يرون العجز عن الظلم نقيصة, وتكشف الأقوال المأثورة التي يتداولونها عن تمجيد قيمة الظلم والقهر ,ففي شعرهم:
قبيلته لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
وربما كان ثمة تأثير لمنطق القوة الذي كان يمثل علامة بارزة في المجتمع العربي البدوي, فالعربي يدرك أن من طبائع الأمور وجود قوي وضعيف, ظالم ومظلوم, مستبد ومستسلم. فبيئة القبائل العربية كانت تشهد إغارات السلب والنهب والقتل والسبي.ويفخر العربي في البادية بأنه ظالم ومستبد,فالاستبداد عنده قيمة اجتماعية رفيعة يمجدها ويتغنى بها شعراؤه.
قال الخليفة الأموي الوليد بن يزيد مهللا لما أتاه نبأ مقتل أحد معارضيه:
فنحن المالكون للناس قسرا نسومهم المذلة والنكالا
ونوردهم حياض الخسف ذلا وما نألوهم إلا خبالا.
يقول الكواكبي:"فإذا لم تحسن الأمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة,ومتى بلغت أمة رشدها استرجعت عزها وهذا عدل ,وهكذا "إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون"
بتصرف من كتاب "الاستبداد ودوره في انحطاط المسلمين"
ففي مصر الفرعونية كان الملوك يمارسون أقسى أنواع الحكم الثيوقراطي , و بعد عصر الفراعنة عاش المصريون في ظل الحكم الروماني- مروراً بعصر البطالمة الذي امتد نحو ثلاثة قرون - وكان فيه الإمبراطور الروماني ممثلا
للإله ,أي استمرت العلاقة بين الحاكم والمحكومين علاقة إله وعبيد.
وبعد نهاية الحكم البيزنطي و الفارسي للمنطقة العربية ,تعرض المسلم في مصر والشام والحجاز والعراق للاستبداد الأموي والعباسي والفاطمي ....... والمملوكي,ثم الحكم العثماني الذي كان فيه الخليفة ظل الله في الأرض . كما حملت منطقة فارس إرث الحكم الفارسي الذي كان يُنظر فيه أيضا إلي الحاكم علي انه إله,ثم تعرضت بعد ذلك لاستبداد خلفاء المسلمين.
وترسخت قابلية الاستبداد في الشخصية العربية, وبلغ ذلك ذروته عندما امتثل المسلمون في مصر والشام لحكم العبيد والإماء. ويُعد هذا الأمر سابقة انفردت بها شعوب هذه البلاد وهي أن يقبل "الأحرار" حكم "الأرقاء".ذلك هو ما حدث في بلادنا,حكمنا الأرقاء وأورثونا تراثهم,تراث العبيد الذي حملنا على قبول جميع صنوف الاستبداد طوال تاريخنا.وكان المماليك في المجتمع المصري يمثلون القوة والسلطة,ومارسوا قهر المصريين,ونهبهم, وألحقوا بهم أشد صنوف الاستبداد قسوة,مما أفرز-بالضرورة-"خوف" المصريين من السلطة وكل ما يتعلق بالسلطان والعسكر والحاكم.وكان المماليك في البدء عسكر الوالي وجند السلطان,ثم أصبحوا في ما بعد السلاطين والحكام أنفسهم, وترسخ وجودهم فى نسيج المجتمع المصري,وأصبح تراثهم-تراث العبيد- أحد المكونات الأساسية,إلى جانب مكونات أخرى,في الضمير المصري.ولم يكن غريبا عندئذ أن تصاب هذه الشخصية بالسلبية السياسية المزمنة,بعد أن اعتادت أن يسوسها الغير ,وبعد أن تعرضت لمعاول القهر والاستبداد,بدءا من حكم الفراعنة والرومان وخلفاء المسلمين-باستثناء الخلافة الراشدة- وانتهاء بسلاطين المماليك والحكم العثماني.
يقول عباس العقاد في كتابه الديموقراطية في الإسلام: "والجزيرة العربية عرفت قبل الإسلام ضروبا من الاستبداد والطغيان لا تقل عن ضروبه المشهورة التي عرفت عن الشعوب الأخرى,وأن قبائل من العرب الحاضرة والبادية قد سادها ملوك يعتزون بالأمر والنهي بين رعاياهم بغير وازع ولا معترض,ويقيسون عزتهم بمبلغ اقتدارهم على إذلال غيرهم واستطالتهم على من يدعي العزة سواهم" .وعرب البادية يرون العجز عن الظلم نقيصة, وتكشف الأقوال المأثورة التي يتداولونها عن تمجيد قيمة الظلم والقهر ,ففي شعرهم:
قبيلته لا يغدرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردل
وربما كان ثمة تأثير لمنطق القوة الذي كان يمثل علامة بارزة في المجتمع العربي البدوي, فالعربي يدرك أن من طبائع الأمور وجود قوي وضعيف, ظالم ومظلوم, مستبد ومستسلم. فبيئة القبائل العربية كانت تشهد إغارات السلب والنهب والقتل والسبي.ويفخر العربي في البادية بأنه ظالم ومستبد,فالاستبداد عنده قيمة اجتماعية رفيعة يمجدها ويتغنى بها شعراؤه.
قال الخليفة الأموي الوليد بن يزيد مهللا لما أتاه نبأ مقتل أحد معارضيه:
فنحن المالكون للناس قسرا نسومهم المذلة والنكالا
ونوردهم حياض الخسف ذلا وما نألوهم إلا خبالا.
يقول الكواكبي:"فإذا لم تحسن الأمة سياسة نفسها أذلها الله لأمة أخرى تحكمها كما تفعل الشرائع بإقامة القيّم على القاصر أو السفيه وهذه حكمة,ومتى بلغت أمة رشدها استرجعت عزها وهذا عدل ,وهكذا "إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون"
بتصرف من كتاب "الاستبداد ودوره في انحطاط المسلمين"