التوبة وشروطها
• الفرق بين التوبة والاستغفار .
• انتكس بعد توبته.
• زنا ثم أسلم فهل يحد.
• تكرار المعصية .
• توبة مريض الإيدز .
• أسباب تكفير الذنوب .
• شاب فعل جميع المحرمات ويريد التوبة .
• حكم الأخطاء في حق الآخرين التي ارتكبت قبل الهداية .
• التوبة .
• لا يشترط لصحة التوبة الوضوء ولا الغسل .
• كيف نتوب من الشرك .
• يتوب ثم يعود للذنب .
• يريد التوبة من الاتق الله ويحتاج مساعدة .
• التوبة قبل فوات الأوان .
• ينشط في عبادته ثم يعود للمعصية .
• قبول التوبة .
• هل تقبل التوبة إذا لم يُقم الحد على الشخص ؟ .
الفرق بين التوبة والاستغفار
————————————————————————————————————
ما الفرق بين التوبة والاستغفار ؟.
الحمد لله
التوبة : تتضمن أمراً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً ، فالندم على الماضي والإقلاع عن الذنب في الحاضر والعزم على عدم العودة في المستقبل .
والاستغفار : طلب المغفرة ، وأصله : ستر العبد فلا ينفضح ، ووقايته من شر الذنب فلا يًعاقب عليه ، فمغفرة الله لعبده تتضمن أمرين : ستره فلا يفضحه ، ووقايته أثر معصيته فلا يؤاخذ عليها ، وبهذا يعلم أن بين الاستغفار والتوبة فرقاً ، فقد يستغفر العبد ولم يتب كما هو حال كثير من الناس ، لكن التوبة تتضمن الاستغفار .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
انتكس بعد توبته
السؤال : تربيت في بيت عائلتي المسلمة الملتزمة في الغرب ، مع الأسف في سن المراهقة سمحت لنفسي أن يقودها الشيطان واقترفت العديد من الذنوب خلال سنوات حتى أنني خرجت عن الإسلام.
حاولت التوبة والعودة خلال السنتين الماضيتين ، أديت أركان الإسلام الخمسة جميعها وتصدقت بكرم وشاركت في الدعوة وساعدت المسلمين ، أحسن معاملة زوجتي ووالداي.
مع ذلك فإن قلبي يتردد كثيرا ، بعض الأحيان أكون مقتنع جدا بالحق ولكن في الغالب أنا صم بكم اكتشف كثيراً أن قلبي مغرور جداً ، ذنوب وكره للحق.
حاولت كثيراً أن أكبت هذه الأحاسيس السلبية ولكنني لم أستطع أن أتجاوزها. أريد أن أصبح مسلم ثانية ولكنني حاليا في موقف سلمت نفسي فيه لحياة الطاغوت.
قرأت كتباً لا عد لها واستمعت لمحاضرات كثيرة ولكن بدون جدوى.أريد أن أنجح في هذه الحياة وأنجو من النار. ما الذي أستطيع أن أفعله ؟ هل يجب أن أقول الشهادة مرة أخرى ؟ أرجو أن تساعدني .
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى السؤال التالي : أنا شاب قد أسرفت على نفسي في المعاصي كثيرا ، حتى أنني لا أصلي في المسجد ولم أصم رمضان كاملا في حياتي ، وأعمل أعمالا قبيحة أخرى ، وكثيرا ما عاهدت نفسي على التوبة ، ولكني أعود إلى المعصية وأنا أصاحب شبابا في حينا ليسوا مستقيمين تماما ، كما أن أصدقاء إخواني كثيرا ما يأتوننا في البيت وهم أيضا ليسوا صالحين ، ويعلم الله أنني أسرفت على نفسي كثيرا في المعاصي وعملت أعمالا شنيعة ، ولكنني كلما عزمت على التوبة أعود مرة ثانية كما كنت . أرجو أن تدلوني على طريق يقربني إلى ربي ويبعدني عن هذه الأعمال السيئة .
فأجاب رحمه الله تعالى : يقول الله عز و جل : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) سورة الزمر أجمع العلماء أن هذه الآية الكريمة نزلت في شأن التائبين ، فمن تاب من ذنوبه توبة نصوحا غفر الله له ذنوبه جميعا لهذه الآية الكريمة ، ولقوله سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) ، سورة التحريم فعلق سبحانه تكفير السيئات ودخول الجنات في هذه الآية بالتوبة النصوح ، وهي التي اشتملت على ترك الذنوب والحذر منها ، والندم على ما سلف منها ، والعزم الصادق على أن لا يعود فيها تعظيما لله سبحانه ورغبة في ثوابه وحذرا من عقابه .
ومن شرائط التوبة النصوح رد المظالم إلى أهلها أو تحللهم منها إذا كانت المعصية مظلمة في دم أو مال أو عرض ، وإذا لم يتيسر استحلال أخيه من عرضه دعا له كثيرا وذكره بأحسن أعماله التي يعلمها عنه في المواضع التي اغتابه فيها ، فإن الحسنات تكفر السيئات ، وقال سبحانه : ( وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) سورة النور، فعلق عز وجل في هذه الآية الفلاح بالتوبة ، فدل ذلك على أن التائب مفلح سعيد ، وإذا أتبع التائب توبته بالإيمان والعمل الصالح محا الله سيئاته وأبدلها حسنات ، كما قال سبحانه في سورة الفرقان لما ذكر الشرك والقتل بغير حق والزنا : ( ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب و آمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) سورة الفرقان .
ومن أسباب التوبة الضراعة إلى الله سبحانه وسؤاله الهداية و التوفيق وأن يمن عليك بالتوبة وهو القائل سبحانه : ( ادعوني أستجب لكم ) غافر ، وهو القائل عز و جل : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) سورة البقرة .
ومن أسباب التوبة أيضا والاستقامة عليها صحبة الأخيار والتأسي بهم في أعمالهم الصالحة والبعد عن صحبة الأشرار وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ) وقال عليه الصلاة والسلام : ( مثل الجليس الصالح كصاحب المسك إما أن يحذيك - أي يهديك هدية - وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ) . مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز ، فتاوى العقيدة القسم الثاني ص640 .
أما بالنسبة لتجديد إسلامك فإن كنت فعلت ما يُخرجك عن الإسلام بالكلية فعليك بنطق الشهادتين والدّخول في دين الإسلام الذي خرجت منه وإن كان ما فعلته ذنوبا وكبائر لا تُخرجك من ملة الإسلام فتكفيك التوبة بشروطها كما تقدّم ، واحذر اليأس من رحمة الله واسلك سُبُل النجاة ، وفقنا الله وإياك لكل خير ، وصلى الله على نبينا محمد .
نسأل الله عز و جل أن يمن علينا وعليك بالتوبة النصوح وأن يتجاوز عنا وعنك وأن يفرج عنك ما أنت فيه وأن يجمعنا وإياك في جنات النعيم إخوانا على سرر متقابلين آمين .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
زنا ثم أسلم فهل يحد
السؤال :
إذا زنى كافر ثم أسلم ، فهل يقام عليه الحد ؟.
الجواب :
الحمد لله
إذا زنى الذمي ثم أسلم ، وقامت بينة بزناه سقط عنه الحد ، فلا يحد ولا يعزر ؛ نص عليه الشافعي بقوله الله تعالى : " قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف " سورة الأنفال : 38 ، ويستدل أيضا بقوله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام يهدم ما قبله " رواه مسلم من رواية عمرو بن العاص ، ولأن نص القرآن يدل على سقوط الحد عن السارق وقاطع الطريق إذا تابا ، فعن الكافر أولى ، ولأن في إيجاب الحد تنفيرا عن الإسلام ، وبمثل هذه العلة عللوا سقوط قضاء الصلاة عنه . والله أعلم .
فتاوى الإمام النووي 223.
تكرار المعصية
ماذا سيحدث للشخص الذي يرتكب المعصية ذاتها مرة بعد مرة ؟.
الحمد لله
أولاً :
الذي يرتكب المعصية مرة بعد مرة : ذنبه مغفور في كل مرة إن أعقب معصيته بتوبة - إن كانت توبته في كل مرة صادقة - والدليل على جواز التوبة مرة بعد مرة : أن الذين ارتدوا عن الإسلام زمن أبي بكر ردهم أبو بكر إلى الإسلام وقبل منهم ذلك ، علماً بأنهم كانوا كفاراً ثم دخلوا في الإسلام ثم رجعوا إلى الكفر ثم دخلوا الإسلام ، وقبِل الصحابة كلهم منهم التوبة على الرغم من أن الذي فعله المرتدون هو شر من الذي يفعله العاصي المسلم فقبول التوبة من المسلم العاصي ، ولو كانت متكررة أولى من قبول توبة الكافر مرة بعد مرة .
ولكن هذا الذي نقوله بشرط أن تكون التوبة الأولى وما بعدها توبةً نصوحاً صادقة من قلب صادق وألا تكون مجرد تظاهر بذلك .
وكلامنا هذا لا يُفهم منه أننا نشجع على المعاصي وارتكابها مرة بعد مرة وأن يجعل المسلم رحمة الله تعالى وتوبة الله تعالى عليه سُلماً للمعاصي ، لا ، إنما نريد أن نشجع العاصي للتوبة مرة بعد مرة ، فنحن نريد أن نُطمئن قلبَ المسلم الذي يريد أن يرجع إلى الله تعالى ونقول له : باب الرحمن مفتوح ، وعفوه أكبر من معصيتك ، فلا تيأس من رحمة الله تعالى وعُد إليه .
روى البخاري (7507) ومسلم (2758) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي . فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، غَفَرْتُ لِعَبْدِي . ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي . . الحديث .
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي :
… وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي قال : "خياركم كل مفتن تواب . [ يعني كلما فُتِن بالدنيا تاب ] . قيل فإذا عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : فإن عاد ؟ قال : يستغفر الله ويتوب ، قيل : حتى متى ؟ قال : حتى يكون الشيطان هو المحسور " .
وخرج ابن ماجه من حديث ابن مسعود مرفوعا : (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) . حسنه الألباني في صحيح ابن ماجه (3427) .
وقيل للحسن : ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود ، فقال : ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا ، فلا تملوا من الاستغفار .
وروي عنه أنه قال : ما أرى هذا إلا من أخلاق المؤمنين يعني أن المؤمن كلما أذنب تاب .
… وقال عمر بن عبد العزيز في خطبته : أيها الناس من ألمَّ بذنب فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر وليتب ، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال وإن الهلاك في الإصرار عليها .
ومعنى هذا أن العبد لا بد أن يفعل ما قدر عليه من الذنوب كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كُتب على ابن آدم حظه من الزنا فهو مدرك ذلك لا محالة " رواه مسلم (2657) .
ولكن الله جعل للعبد مخرجا مما وقع فيه من الذنوب ومحاه بالتوبة والاستغفار فإن فعل فقد تخلص من شر الذنوب وإن أصر على الذنب هلك اهـ جامع العلوم والحكم ( 1 / 164 – 165 ) بتصرف .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
توبة مريض الإيدز
السؤال : إنسان أصيب بمرض الإيدز وقرر الأطباء أن عمره في هذه الحياة قصير جداً ، فما الحكم في توبته في هذا الوقت ؟ .
الجواب :
الحمد لله
عليه أن يبادر إلى التوبة ، ولو في لحظات الموت ، لأن باب التوبة مفتوح مهما كان ما دام عقله معه ، وعليه أن يبادر بالتوبة والحذر من المعاصي ولو قالوا له أن عمرك قصير فالأعمار بيد الله ، وقد يخطئ ظنهم فيعيش طويلاً ، وعلى كل تقدير فالواجب البدار بالتوبة والصدق في ذلك حتى يتوب الله عليه ، لقول الله سبحانه وتعالى : ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ) النور/31 ، وقوله سبحانه : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) طه /82، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ) والمعنى ما لم يتغرغر بها الإنسان ويزول شعوره . والله المستعان .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله . م/9 ص / 437.
أسباب تكفير الذنوب
أنا مسلمة متزوجة . وقد وُلدت لعائلة مسلمة . لكني ، لم أكن أعلم عن أحكام الإسلام الشيء الكثير . وقد وقعت في الكثير من المعاصي الكبيرة ، مما جعلني أشعر وكأني أسوء إنسان في هذا العالم . والآن ، فأنا أحاول تحصيل العلم ، العلم المتعلق بهذا الدين العظيم ، وأن أطبق أحكامه . لكني ، لا أشعر بالسلام والراحة في قلبي . أنا دوما أتساءل : كيف لي أن أعرف ما إذا كان الله ، رب العالمين ، قد غفر لي أم لا ؟ ما هي الأمور الصالحة التي يمكنني فعلها كي تمسح ذنوبي العظيمة التي وقعت فيها سابقا ؟ كيف لي أن أتقرب من ربي ؟ يا الله ، أرني ما يدل على أنك رحمتني .
أنا لا أستطيع أن أنام بشكل جيد ، ولا أستطيع أن أرتاح ، ولا أستمتع بأي شيء . أنا أشعر دوما وكأني سأموت في أي وقت وسيسألني الله . كيف أجيبه سبحانه ، فأنا ليس عندي ما أقوله . أنا أبكي من داخلي دائما . يا الله ، أخبرني كيف أتخلص من جميع ذنوبي .
أنا أكتب لك لأني قرأت كتابك "أريد أن أتوب ، ولكن .." مرارا . وأشعر بعد قراءتها بشيء من الراحة عندما أقرأ قول الله تعالى : "لا تقنطوا من رحمة الله .." الآية 53 من سورة الزمر . وهذا هو الأمل الوحيد في حياتي .
هل تظن أن الله سيغفر لي وأنا تلك المرأة العاصية التي وقعت في كل معاصي ؟ لقد صليت صلاة التوبة وأنا أحاول أن أغير طريقة حياتي في جميع الجوانب ليرضى ربي علي . أتعهد بأن أتبع أحكام الإسلام فيما بقي من عمري .
الحمد لله
أولاً :
الحمد لله الذي وفقك للتوبة ، وهداك بعد الضلال ، وأنار لك الطريق ، وحبب إليك الإيمان وزينه في قلبك ، فله الحمد أولاً وآخراً .
ثم هنيئاً لكِ أيتها السائلة على التوفيق للتوبة ، وهذه نعمة تحتاج إلى شكر ، فالله يتوب على من تاب . يُراجع السؤال (14289) .
ثانياً :
قولك : " كيف أعرف أن الله قد غفر لي أم لا ؟ "
اعلمي بأن من تاب توبة ً صادقة تاب الله عليه والله غفور رحيم ، وعد من تاب أن يغفرله ذنوبه فقال : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 ، والله إذا وعد فإنه لا يخلف الميعاد .
وقال تعالى : ( إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/71 . ففي هذه الآية بين الله لنا أنه يبدل سيئات التائب إلى حسنات ، وهذا من فضائل التوبة .
ثالثاً : قولك : " كيف أتخلص من ذنوبي ؟ "
هذه مسألة مهمة ، وهي الأسباب التي تكفر الذنوب : قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" عقوبة الذنوب تزول عن العبد بنحو عشرة أسباب :
أحدها : التوبة ، وهذا متفق عليه بين المسلمين . قال تعالى : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) ،وقال تعالى : { ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وان الله هو التواب الرحيم } ، وقال تعالى : ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ) ، وأمثال ذلك .
السبب الثاني : الاستغفار كما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أذنب عبدٌ ذنباً فقال أي رب أذنبت ذنباً فاغفر لي ، فقال : علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به ، قد غفرت لعبدي .. الحديث " . رواه البخاري (6953) ومسلم (4953) .
وفي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقومٍ يذنبون ثم يستغفرون فيُغفَرُ لهم " ( التوبة/4936 ).
السبب الثالث :الحسنات الماحية ، كما قال تعالى : ( أقم الصلاة طرفي النهار وزُلَفَاً من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر " رواه مسلم (344) وقال : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً ، غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (37) ومسلم (1268) ، وقال : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِرَله ما تقدم من ذنبه " رواه البخاري (1768) ، وقال : " من حجَّ هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه " رواه البخاري (1690) ، وقال : " فتنة الرجل في أهله وماله وولده تكفرها الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " رواه البخاري (494) ومسلم (5150) ، وقال : " من أعتق رقبةً مؤمنةً أعتق الله بكل عضوٍ منها عضواً منه من النار ، حتى فرجه بفرجه " رواه مسلم (2777) . وهذه الأحاديث وأمثالها في الصحاح ، وقال : " الصدقةُ تُطْفِئُ الخطيئة كما يُطْفِئُ الماءُ النارَ، والحسد يأكل الحسنات كما تأكل النارُ الحطبَ . "
والسبب الرابع الدافع للعقاب : دعاءُ المؤمنين للمؤمن ، مثل صلاتهم على جنازته ، فعن عائشة ، وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما من ميت يصلى عليه أمةٌ من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون إلا شُفِعُوا فيه " رواه مسلم (1576) ، وعن ابن عباس قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من رجلٍ مسلمٍ يموت ، فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً ، إلا شفعهم الله فيه " رواه مسلم (1577) . وهذا دعاء له بعد الموت .
السبب الخامس : " ما يعمل للميت من أعمال البر ، كالصدقةِ ونحوها ، فإن هذا ينتفع به بنصوص السنة الصحيحة الصريحة ، واتفاق الأئمة ، وكذلك العتق والحج ، بل قد ثبت عنه في الصحيحين أنه قال : " من مات وعليه صيام صام عنه وليه ." رواه البخاري (5210) ومسلم (4670)
السبب السادس : شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره في أهل الذنوب يوم القيامة ، كما قد تواترت عنه أحاديث الشفاعة ، مثل قوله في الحديث الصحيح : " شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي " صححه الألباني في صحيح أبي داوود (3965) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " خيرت بين أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة ، فاخترت الشفاعة …" انظر صحيح الجامع (3335) .
السبب السابع : المصائب التي يُكَفِرُ الله بها الخطايا في الدنيا ، كما في الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ما يُصيب المؤمن من وصبٍ ولا نصب ولا همٍ ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها ، إلا كفر الله بها من خطاياه " رواه البخاري (5210) ومسلم (4670) .
السبب الثامن : ما يحصل في القبر من الفتنة ، والضغطة ، والروعة ( أي التخويف ) ، فإن هذا مما يُكَفَرُ به الخطايا .
السبب التاسع : أهوال يوم القيامة وكربها وشدائدها .
السبب العاشر : رحمة الله وعفوه ومغفرته بلا سبب من العباد ." المرجع مجموع فتاوى ابن تيمية ج7 ص " 487- 501 " .
رابعاً : قولك " هل تظن أن الله سيغفر لي ؟!! … "
نعم ، لو تبتي توبة صادقة ، فإن الله وعد من تاب بالتوبة ، والأدلة على ذلك قد تقدمت . فإياك أيتها الأخت أن تقنطي من رحمة الله ، وتذكري قصة الرجل الذي قتل مئة شخص ، ثم تاب فتاب الله عليه ، وإليك القصة كما رواها الإمام مسلم في صحيحه في كتاب التوبة (2766) : " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ ، فَأَتَاهُ فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ، فَقَالَ : لا ، فَقَتَلَهُ فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الأَرْضِ فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ ، انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا ؛ فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدْ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ . فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَتْ مَلائِكَةُ الْعَذَابِ إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ الأَرْضَيْنِ فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الأرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ " .
فيستفاد من هذا الحديث فوائد منها :
1- أن الله يغفرالذنوب كلها عن التائب مهما بلغت ، ويدل له قوله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
2- أن على التائب أن يبتعد عن رفقة السوء الذين كانوا معه على المعصية ، وعليه أن يصاحب رفقةً صالحة ، تعينه على الخير ، وتدله عليه .
3- على المسلم أن يعيش في حياته بين الخوف والرجاء ، فهو يخاف ذنوبه ويخشى منها ، ولا يأمن مكر الله ولا يجزم لنفسه بدخول الجنة ، فإن الصحابة رضوان الله عليهم رغم صلاحهم وتقواهم لم يكن هذا حالهم ، بل كانوا يخافون ربهم ويعبدونه رغباً ورهباً ، وخوفاً وطمعاً ، فالمسلم إذاً يعمل الطاعات ويتوب ويطمع في رحمة الله ويعلم أن الله يغفر لمن تاب ويتوب عليه فيرجو أن يغفر الله له ، ويعلم أن الله يتقبل من عبده العمل الصالح ويحب ذلك منه فيجتهد في عمل الصالحات راجياً القبول ، فإذا عاش بهذه الحال : خائفاً من ذنوبه ، راجياً رحمة ربه أصبح مجتهداً في الطاعة بعيداً عن المعصية يسأل الله أن يُثيبه على الصالحات حتى يلقاه وهو راضٍ عنه ، ويستعيذ بالله من أن يقلب قلبه أو يغير حاله ، كما كان يدعو عليه الصلاة والسلام : " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " .
نسأل الله لنا ولك الثبات على دينه ، والمزيد من فضله ، إنه سميع مجيب .
الشيخ محمد صالح المنجد
شاب فعل جميع المحرمات ويريد التوبة
انا شاب فاسق وكافر اريد ان اتوب الى الله كنت افعل جميع المحرمات ولا اصلي والان اريد التوبه فارجوا من الشيخ ان يدلني على طريق التوبة ؟.
الحمد لله
( قل يعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ، وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون )
لقد وصلني سؤالك وأعجبني فيه حرصك على التوبة والعودة إلى الله بالرغم من فعلك جميع المحرمات كما قلت وعلى رأس ذلك تركك للصلاة ، ومن المهم جداً أن تعلم أيها الشاب الحريص أن باب التوبة مفتوح بالنسبة لك وأن تتأمل جيداً ما هو مذكور في الآيتين السابقتين وأنا سأذكر لك خطوات عملية تبين لك بوضوح كيفية التوبة بإذن الله تعالى :
كلمة التوبة كلمة عظيمة ، لها مدلولات عميقة ، لا كما يظنها الكثيرون ، ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الذنب ، وتأمل قوله تعالى : ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) هود /3 تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار .
ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط ، فقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث ، وهذا ذكر بعضها :
الأول : الإقلاع عن الذنب فوراً .
الثاني : الندم على ما فات .
الثالث : العزم على عدم العودة .
الرابع : إرجاع حقوق من ظلمهم ، أو طلب البراءة منهم .
ولا تنسى أموراً أخرى مهمة في التوبة النصوح ومنها :
الأول : أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر ، كعدم القدرة عليه أو على معاودته ، أو خوف كلام الناس مثلاً .
فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس ، أو ربما طرد من وظيفته .
ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته ، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية ، أو أنها تضعف جسمه وذاكرته .
ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً .
ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه .
وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته ، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق ، أو الزاني إذا فقد القدرة على الوقاع ، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه ، بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الندم توبة ) رواه أحمد وابن ماجه ، صحيح الجامع 6802 .
الثاني : أن تستشعر قبح الذنب وضرره .
وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية ، أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل .
وقد ساق ابن القيم رحمه الله في كتابه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها :
حرمان العلم - والوحشة في القلب - وتعسير الأمور - ووهن البدن - وحرمان الطاعة - ومحق البركة - وقلة التوفيق - وضيق الصدر - وتولد السيئات - واعتياد الذنوب - وهوان المذنب على الله - وهوانه على الناس - ولعنة البهائم له - ولباس الذل - والطبع على القلب والدخول تحت اللعنة - ومنع إجابة الدعاء - والفساد في البر والبحر- وانعدام الغيرة - وذهاب الحياء - وزوال النعم - ونزول النقم - والرعب في قلب العاصي - والوقوع في أسر الشيطان - وسوء الخاتمة - وعذاب الآخرة .
وهذه المعرفة لأضرار الذنوب تجعلك تبتعد عن الذنوب بالكلية ، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها :
أن يعتقد أن وزنها أخف .
لأن النفس تميل إليها أكثر ، والشهوة فيها أقوى .
لأن ظروف هذه المعصية متيسرة أكثر من غيرها ، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز ، وأسبابها حاضرة متوافرة .
لأن قرناءه وخلطاؤه مقيمون على هذه المعصية ويصعب عليه أن يفارقهم .
لأن الشخص قد تجعل له المعصية المعينة جاهاً ومكانة بين أصحابه فيعز عليه أن يفقد هذه المكانة فيستمر في المعصية .
الثالث : أن تبادر إلى التوبة ، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة .
الرابع : استدرك ما فاتك من حق الله إن كان ممكناً ، كإخراج الزكاة التي منعتها في الماضي ولما فيها من حق الفقير كذلك .
الخامس : أن تفارق موضع المعصية إذا كان وجودك فيها قد يوقعك في المعصية مرة أخرى .
السادس : أن تفارق من أعانك على المعصية .
والله يقول : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف /67 . وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة ، ولذلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم .
وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي .
السابع : إتلاف المحرمات الموجودة عندك مثل المسكرات وآلات اللهو كالعود والمزمار ، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل ، وهكذا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو إحراقها .
ومسألة خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها ، وكم من قصة كان فيها إبقاء هذه المحرمات عند التائبين سبباً في نكوصهم ورجوعهم عن التوبة وضلالهم بعد الهدى، نسأل الله الثبات .
الثامن : أن تختار من الرفقاء الصالحين من يعينك على نفسك ويكون بديلاً عن رفقاء السوء وأن تحرص على حلق الذكر ومجالس العلم وتملأ وقتك بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديك فراغاً ليذكرك بالماضي .
التاسع : أن تعمد إلى البدن الذي ربيت بالسحت فتصرف طاقته في طاعة الله وتتحرى الحلال حتى ينبت لك لحم طيب .
العاشر : الاستكثار من الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات
وإذا صدقت مع الله في التوبة فأبشر بانقلاب جميع سيئاتك السابقة إلى حسنات ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً )
أسأل الله أن ينفعك بهذه الكلمات ، وأن يهدي قلبك فقم الآن وتلفظ بالشهادتين وتطهر وصل كما أمرك الله ، وحافظ على الواجبات واترك المحرمات وسأكون سعيداً بمساعدتك حالما تحتاج إلى أي أمر آخر .
واسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى وأن يتوب علينا أجمعين أنه هو التواب الرحيم .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
حكم الأخطاء في حق الآخرين التي ارتكبت قبل الهداية
إنه كان جاهليا ولقد من الله عليه بالإسلام ، وكان قبل ذلك قد ارتكب بعض الأخطاء ، ويقول : سمعت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرض أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ) كيف تنصحونني والحالة هذه ؟.
الحمد لله
قد شرع الله سبحانه وتعالى لعباده التوبة ، فقال سبحانه : ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) وقال سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ) وقال جل وعلا : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) فمن اقترف شيئا من المعاصي فعليه بالبدار بالتوبة والندم والإقلاع والحذر والعزم أن لا يعود في ذلك والله يتوب على التائبين سبحانه وتعالى .
فمتى صدق العبد في التوبة بالندم على ما مضى والعزم على أن لا يعود ، وأقلع منها تعظيما لله وخوفا من الله فإنه يتاب عليه ، ويمحو الله عنه ما مضى من الذنوب فضلا منه وإحسانا سبحانه وتعالى .
لكن إن كانت المعصية ظلما للعباد ، فذلك يحتاج إلى أداء الحق الذي عليه بالتوبة مما وقع والندم والإقلاع والعزم أن لا يعود ، وعليه مع ذلك أداء الحق لمستحقه أو تحلله من ذلك ، كما يقول : ( سامحني يا أخي ) ، أو ( اعف عني ) أو ما أشبه ذلك ، أو يعطيه حقه للحديث الذي ذكره السائل ، وغيره من الأحاديث والآيات . والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ( من كان عنده لأخيه مظلمة فليتحلله اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه ) خرجه البخاري في صحيحه ، فينبغي للمؤمن أن يحرص على البراءة والسلامة من حق أخيه ، فإما أن يؤديه إليه أو يتحلله منه ، وإذا كان عرضا فلا بد من تحلله إن استطاع ، فإن لم يستطع أو خاف من مغبة ذلك وأن يترتب على إخباره شر أكثر فإنه يستغفر له ويدعو له ويذكره بالمحاسن التي يعرفها عنه بدلا من ما ذكره بالسوء ، يعني عليه أن يغسل السيئة الأولى بالحسنات الأخيرة فيذكره بالخير الذي يعلمه عنه ، وينشر محاسنه ضد السيئات التي نشرها سابقا ويستغفر له ويدعو له ، وبهذا ينتهي من المشكلة .
كتاب مجموع فتاوى ومقالات متنوعة لسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز يرحمه الله ، م/4 ، ص/374 .
التوبة
عملت ذنوباً كثيرة لا يعلمها إلا الله فماذا علي أن افعل حتى يتوب الله عليّ ؟.
الحمد لله
يضعف إيمان المسلم ويغلبه الهوى .. ويزين له الشيطان المعصية .. فيظلم نفسه .. ويقع فيما حرم الله .. والله لطيف بالعباد .. ورحمته وسعت كل شيء .. فمن تاب بعد ظلمه فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم .. ( فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) المائدة/39.
والله عفو كريم .. أمر جميع المؤمنين بالتوبة النصوح ليفوزوا برحمة الله وجنته فقال : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ) التحريم/8.
وباب التوبة مفتوح للعباد , حتى تطلع الشمس من مغربها , قال عليه الصلاة والسلام : ( إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم برقم 2759.
والتوبة النصوح ليست كلمة تقال باللسان .. بل يشترط في قبول التوبة أن يقلع صاحبها عن الذنب فوراً .. ويندم على ما فات .. ويعزم على أن لا يعود إلى ما تاب منه .. وأن يرد المظالم أو الحقوق إن كانت لأهلها .. وأن تكون التوبة قبل معاينة الموت ..قال تعالى : ( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً - وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) النساء / 17 -18 .
والله تواب رحيم يدعو أصحاب الذنوب إلى التوبة , ليغفر لهم ( كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بِجَهَالَةٍ ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم ) الأنعام / 54.
والله رؤوف بالعباد يحب التائبين .. ويقبل توبتهم كما قال سبحانه ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون ) الشورى/25 .
وقال سبحانه : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) البقرة / 222.
والكافر إذا أسلم .. يبدل الله سيئاته حسنات .. ويغفر له ما سلف من ذنوب كما قال سبحانه ( قل للذي كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) الأنفال/38.
والله غفور رحيم يحب التوبة من عباده , ويأمرهم بها ليغفر لهم .. وشياطين الإنس والجن يريدون أن يميلوا بالناس من الحق إلى الباطل كما قال سبحانه : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) النساء / 27.
ورحمة الله وسعت كل شيء .. فإذا عظمت ذنوب العبد .. وأسرف على نفسه في المعاصي , والآثام , ثم تاب .. فإن الله يتوب عليه .. ويغفر ذنوبه مهما بلغت كما قال سبحانه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) الزمر/53.
وقال عليه الصلاة والسلام ( ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا , حين يبقى ثلث الليل الآخر , فيقول من يدعوني فأستجيب له , من يسألني فأعطيه ، من يستغفرني فأغفر له ) رواه البخاري (1077) ومسلم(758) .
والنفس ضعيفة .. فإذا أذنب الإنسان فعليه بالتوبة والاستغفار كل حين فإن الله غفور رحيم وهو القائل : ( ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً ) النساء /110.
والمسلم عُرضة للأخطاء والمعاصي .. فينبغي له الإكثار من التوبة والاستغفار .. قال عليه الصلاة والسلام ( والله إني لأستغفر الله , وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة ) رواه البخاري برقم 6307.
والله يحب من عبده التوبة , ويقبلها , بل يفرح بها كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لَلَّه أفرح بتوبة عبده من أحدكم , سقط على بعيره , وقد أضله في أرض فلاة ) متفق عليه أخرجه البخاري برقم 6309.
من كتاب أصول الدين الإسلامي تأليف الشيخ : محمد بن ابراهيم التويجري.