صدى الفكر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

www.sadana.yoo7.com * صدى الفكر * www.sada.tk


    التشيع (عقيدة دينية ؟ ام عقدة نفسية) الجزء التاسع عشر

    صدى الفكر
    صدى الفكر
    Admin
    Admin


    السمك الثعبان
    تاريخ التسجيل : 18/03/2010

    التشيع (عقيدة دينية ؟ ام عقدة نفسية) الجزء التاسع عشر Empty التشيع (عقيدة دينية ؟ ام عقدة نفسية) الجزء التاسع عشر

    مُساهمة من طرف صدى الفكر الأحد سبتمبر 05, 2010 5:51 pm

    هل من أمل بالشفاء ؟
    في تاريخ الإسلام تجارب ناجحة، وأخرى لم تبلغ الغاية المرجوة من التغيير. لقد نجح الرسول  مع العرب فتغيروا بكاملهم من الكفر والشرك إلى الإيمان ودين الإسلام. لكن اليهود لم يتغيروا رغم كل المحاولات التي بذلت من قِبَله  ! وحين تدرس الأسباب المانعة تجدها كامنة في النفسية المعقدة التي يعاني منها اليهود. والتي لخصها القرآن الكريم بكلمة واحدة هي (الأهواء) فقال: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (البقرة:120)وقال: (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:145). وهي السبب في الصرف الرباني لهم عن الحق والطبع على قلوبهم فلا يهتدون كما قال سبحانه: (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ) (الروم:29)، وقال: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) (الأعراف:146). فالهداية هدية الرب من السماء لا يمنحها إلا لمن يستحقها، وليست هي سِقْطاً ملقى على قارعة الطريق يمر به العابرون فيتكرم عليه بالأخذ بعض ويعافه الآخرون!
    وقد لفت نظري آيات من القرآن في سورة (البقرة)، وقفت عندها كثيراً متفكراً متحيراً ! وهي ما جاء من قوله تعالى: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ*وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ*أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ*وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَظُنُّونَ*فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ*وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:75-80).
    إن هذه الآيات تقرر أنه لا أمل بإيمان قوم ارتكبوا المخالفات الخمس الآتية:

    تحريف كلام الله
    التقية في إظهار الموافقة وإبطان المخالفة
    عدم تدبر كتاب الله
    اتخاذ الدين حرفة والتكسب بكتاب الله بالباطل
    ادعاء الضمان بعدم دخول النار إلا أياماً معدودة
    وهذه المخالفات الخمس بنصها موجودة عند الشيعة، سوى أنهم زادوا فادعوا الضمان بعدم دخول النار مطلقاً. وزادوا الطعن في أصحاب نبيهم وأزواجه، وزادوا تمزيق الكتاب وحرقه، وزادوا... وزادوا!
    ثم إن بين النفسية الفارسية واليهودية – كما بينا سابقاً - تشابهاً كبيراً، سواء من حيث اشتراكهم في (عقدة النقص) التي هي أصل العقد النفسية عندهم، أو ما تفرع عنها من عقد أخرى. ولعل هذا الشعور المشترك هو الباعث على التناغم والميل النفسي لبعضهما البعض، والتعاون اليهودي الفارسي في الكيد لدولة العراق وإسقاطها، والذي تكرر في التأريخ أكثر من مرة منذ أن أسقط كورش الفارسي ابن اليهودية دولة بابل سنة 559 ق.م وإلى إسقاطها أخيراً يوم الأربعاء الأسود 9/4/2003 ، واتخاذ ذلك عيداً من قبل اللوبي الفارسي في مجلس الحكم العراقي الذي عينه بريمر. مروراً بسقوط بغداد سنة 1258م على أيدي التتر والمحاولة الفاشلة سنة 1991م بحركتها الغوغائية الإيرانية الشعوبية الخائبة.
    فإذا كان ما فهمته من الآيات السابقة - مع هذه الإطلالة النفسية التاريخية السريعة - على وجهه فإن هذا يدعونا إلى تساؤل كبير علينا أن نجيب عليه: هل من أمل أو مطمع في إيمان الشيعة ورجوعهم إلى دين الحق وشرعة الإسلام الصحيح؟ أم إن الحال معهم كحال الذين قال الله فيهم آنفاً: (أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ...)؟
    فإذا كان الاختيار واقعاً على الجواب الثاني فعلينا أن نعيد الحساب من جديد ونقلع عن كل الأساليب الانبطاحية الفاشلة، والمجاملات الزائدة، والمداهنات والتنازلات التي بذلناها، وماء الوجه الذي سكبناه على عتبة (التقريب) الزائفة؛ فإننا لن نجني - ولم نجن - من ورائها شيئاً؛ فلا داعي لمزيد من الخسارة في صفقة محكوم عليها بالخسارة سلفاً. وعلينا أن نتوجه إلى صفنا السني الداخلي فنهتم بتقويته واستعادة مناعته وعافيته قبل فوات الأوان.
    وهنا أنبه على أن المقصود بالإيمان والتغيير هو المجموع وليس الفرد؛ فلا يعترضن أحد فيقول: كيف هذا ونحن نجد كثيراً من الشيعة في السنين الأخيرة قد تحولوا عن دينهم وصاروا من أهل السنة؟ نعم هذا حاصل ولسنا غافلين عنه. لكن وجهة البحث - كما قلت -إلى المجموع، وليست إلى الأفراد. ولقد أسلم أفراد من اليهود لكن هذا لم يغير من حال مجموعهم شيئاً، وفي مثله قال القائل:


    ما زادَ حنونُ في الإسلامِ خردلةً ولا النصارى لهم شغلٌ بحنونِ


    ولم يستعمل الرسول المداراة مع اليهود مجاملة لأولئك الأفراد، أو خشية من نفورهم وارتدادهم.
    على أن هذا كله على افتراض اليأس من هداية الشيعة وتغيرهم. وهو اختيار لا أجزم به، إنما هو فكرة برزت لي من خلال الآيات التي أوردتها آنفاً، تدعمها وجود تلك المنظومة المتشابكة من العقد النفسية. كما أن هناك اختياراً آخر قائماً على الأمل والطمع بهدايتهم وتغيرهم من حالهم التي هم عليها اليوم من الانحراف عن الدين الحق والحقد والتكفير والتعصب الطائفي إلى ما هو أفضل، بصرف النظر عن درجة التغير: جزئية كانت أم كلية. وفي هذه الحال نطرح التساؤل التالي: كيف السبيل إلى ذلك؟ وقد فشلت جميع المحاولات السابقة، ما عدا تجربة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي عليه رحمة الله . لكن هذه التجربة حصلت من موقع القوة والتمكين، ونحن اليوم لا نمتلك هذا الموقع؛ فالقياس عليها لا يصح إلا إذا كنا ننطلق من الموقع نفسه؛ فنترك مناقشة التجربة إلى حين ذاك، وما هو على الله ببعيد، واضعين في الحسبان جميع العوامل الداخلة في معادلة التغيير، ومنها اختلاف طبائع الشعوب التي تجري عليها التجربة. لكن قد يقول قائل: إن هذه التجربة تشير إلى أن التغيير لا يتم إلا من خلال سلطة قوية راشدة ؛ فلا أمل بالتغيير ونحن على غير هذه الحال. فأقول: قد عدنا إلى ما قررناه قبل قليل من وجوب إعادة الحساب إذا كان الرأي قد استقر على خيار اليأس من بلوغ الهدف. لكنني الآن بصدد الكلام عن الخيار أو الاحتمال الآخر، وهو الأمل أو الطمع بهدايتهم، تدعمه تجربة دعوية أفلحت في إحداث تغيير ملحوظ إلى درجة يمكن أن نمنحه بها النجاح. تلك التجربة التي حصلت في ناحية (جْبلة) أو مشروع المسيب الكبير التابعة لقضاء المحاويل في محافظة بابل. وهي تجربة تحتاج إلى دراسة خاصة نتعرف بها على الآلية التي تم بها التغيير، والظروف والعوامل الخاصة والعامة التي خدمت أو أعاقت ذلك التغيير، حتى نخرج بنتيجة تخدمنا في تقرير كونها إما حالة خاصة لا نستطيع تعميمها، أو أنها حالة قابلة للتعميم والتكرار في مكان آخر. وليس هذا الكتاب محلاً لهذه الدراسة، ولا أحتاجها هنا ضرورة ؛ لأني أناقش الموضوع بناءً على الاحتمالين. فأقول:


    آثار العقد الفارسية على الأساليب الدعوية
    إذا رجعنا إلى أول الكتاب واستحضرنا العقد النفسية التي تعاني منها مجتمعات التشيع الفارسي فإن هذا يضع أصابعنا على جملة من المؤشرات أهمها:
    إن عقدة النقص من خلال عقدة السيد أو الاستعلاء الناتجة عنها تجعل أي محاولة للتقرب يبذلها الآخر ينظر إليها الشيعي على أنها تعبير عن الضعف؛ فلا المجاملات ولا المداهنات تنفع معهم، بل إنها لا تزيدهم إلا اقتناعاً بما هم عليه من باطل، وبعداً عما ندعوهم إليه من التقارب والتصالح والتفاهم. إنهم لا يلجأون إلى هذه الأساليب إلا في حالة الضعف، وهذا يجعلهم لا يفهمون صدور مثلها عن الآخر إلا إذا كان فعله نابعاً عن هذا الهاجس. أما عقدة الشك والتوجس فتمنع إضفاء أية مصداقية على ما يصدر من فعل إيجابي في حقه. وبـ(إسقاط) صفة الخداع مع الكذب لا يرى أي تصرف حسن إلا على أنه مكر ومخادعة. كما أنه يقوم بـ(إسقاط) صفاته على الآخر فينتج لديه – عن طريق التماهي الإسقاطي - ازدراء واحتقار ونفور ضد كل من يقوم بمراسيم التقريب تجاهه. وتكمل المنظومة بدخول عقدة اللؤم وإنكار الجميل في المعادلة ليتبخر أثر الإحسان مادياً كان أم معنوياً، بل ليتحول إلى سبب من أسباب الكره والنفرة تجاه المحسن. نعم قد ينفع الإحسان المادي مع الأفراد، لكنه على مستوى المجموع لا أثر له. بل إنه يجلب المشاكل لسبب أو آخر، ومن جرب عرف. والتجارب الكثيرة شاهد لا يكذب: لقد ذهبت آلاف رؤوس الأغنام لحوماً للأضاحي، ومئات أطنان الرز والطحين الأبيض والدهون والأطعمة والألبسة هباءاً منثوراً في محافظات الجنوب، لقد كانوا يزدحمون أفواجاً أفواجاً على أبواب المساجد السنية من أجل استلام حصصهم من المساعدات، حتى إذا أخذوها صاروا يتلمظون قائلين: (وهابية، نواصب كفرة، أوقافية، عملاء الدولة...). وبسبب الشعور العميق بالغبن والمظلومية فإنهم لا ينظرون إلى أي إحسان يحصلون عليه إلا على أنه حق من حقوقهم الكثيرة المغتصبة استردوه من غاصبيه؛ فلا فضل لأحد عليهم فيه. لقد اغتصب الشيعة العشرات من مساجد أهل السنة، وحين فاتح وفد هيئة علماء المسلمين بموضوعها أحد الذين تولوا كبر هذه الجريمة، وهو محمد سعيد الحكيم، كان جوابه: كم هو عدد تلك المساجد؟ ثم قال مستهزئاً: فقط ؟! إن حقنا هو أن نناصفكم المساجد التي بنيتموها في العراق جميعا !.وكذلك أجاب الصعلوك مقتدى.


    لا فائدة من الأساليب الترضوية
    وعليه فإن التغني الزائد بموضوع (النسب والمصاهرة) بين الصحابة وأهل البيت، والمديح الزائد لشخوص البيت العلوي، والطعن الساذج في البيت العباسي أو الأموي. وعبارات مثل: الإمام، وكرم الله وجهه، وعليه السلام، والآل أو أهل البيت الأطهار والصحب الأبرار، وآله الطيبين الطاهرين وصحبه الغر الميامين، وإخواننا الشيعة، وديننا واحد وعقيدتنا واحدة، وإيران الجارة والدولة المسلمة، والترحم على رؤوس الكفر والضلالة من مثل الخميني الدجال إلى آخر الجوقة الكهنوتية التي أقل ما تعتقده وتصرح به تكفير الصحابة وسبهم على رؤوس الملأ. الخ... كل هذا لا فائدة ترتجى من ورائه سوى ما قلته عن آثار المجاملة والإحسان المنعكسة عن النفسية المعقدة لدى الشيعي. مع مزيد من الوهن والانهزام في صفوف أهل السنة1. ألا ما أبعدنا عن الحقائق التي أجهد علماء النفس في اكتشافها وتثبيتها! هل تعلم أن سلوك المرء يتوقف دائماً على كيفية إدراكه: صواباً كان أم خطأً ؟ خذ هذه الملاحظة البسيطة: قد يستجيب المرء لابتسامة شخص بالغضب إن ظنها ابتسامة سخرية، بينما قد لا تكون في الواقع
    كذلك2. وقِسّ.
    ولقد قلنا هذا وأكثر!فماذا كانت النتيجة؟ إدخال المحتل إلى بلادنا، ومعاونته من أجل البقاء في أرضنا، وتقديم كل العون له من قتل ومطاردة أهل السنة والتعذيب الوحشي في السجون، وثقب الرؤوس بـ(الدريل، أو المثقاب الكهربائي) وقلع الأظافر والعيون، والحرق بالنار والتيزاب. ولم يسلم منهم حتى الترضويون


    المجاملون! بل كانوا أول ضحاياهم! ولو شئت لسميت، ولكن الستر هنا أولى.
    إن أساليب عباس السيسي رحمه الله، وجميع الأساليب الدعوية المصرية الجميلة - وما تأثر بها فوضع على غرارها من أساليب - فشلت في علاج التشيع عندنا، لا لخلل فيها من حيث الموضوع، ولكن لكونها وضعت أصلاً في أجواء سنية سوية، فهي لا تصلح للتطبيق في سواها من الأجواء ما لم نُجر عليها التحويرات المناسبة لنفسية منحرفة معقدة.


    الأسلوب الشمولي في الخطاب القرآني
    لقد انشغلنا بهذه الأساليب التقليدية المستوردة، وما شابهها من النسخ التقليدية المجردة، الجامدة على لون واحد لا يرى أمامه من آيات الكتاب سوى قوله تعالى: (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) (طـه:44). انشغلنا بهذا عن الأسلوب القرآني الشمولي والمنوع حسب الجهة المخاطبة، وحسب الحال التي يتم في إطارها الخطاب. انظر إليه كيف يخاطب الحبيب محمداً  فيقول له موجهاً ومصححاً: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ) (التوبة:43). لكنه يشتد أحياناً فيقول له: (لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (الأنفال:68). ويقول: (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى*وَهُوَ يَخْشَى*فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى*كَلاْ) (عبس:8-11). فلم يجمد الخطاب الإلهي معه  على لهجة واحدة، وهو من هو في منزلته وقربه من الله !
    وفرّق في أسلوب مخاطبة (الآخر) بين الملتزم بحدود الأدب وبين من ظلم منهم فتجاوز تلك الحدود، فقال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) (العنكبوت:46). واشتد في مخاطبة اليهود أكثر من النصارى حتى قال: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ)(المائدة:82).المشكلة أن أهل السنة تمسكوا بأسلوب (أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً) وتركوا أسلوب (أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً).أما المنافقون فقد اشتدت لهجة الخطاب معهم فلم تقِلَّ عنها مع اليهود حتى قال فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا)(النساء:145).
    تأمل هذا التنوع القرآني الإلهي في أسلوب الخطاب ليونة وشدة، وقارن بينه وبين الأسلوب الانهزامي الترضوي الجامد على نسق واحد هو التلطف والتلين، متستراً على سوأته بإضفاء تسمية شرعية جذابة عليه هي (الحكمة)! ومع من؟ مع الشيعة أشباه المنافقين واليهود! بل الغريب أنه كلما اشتد الشيعة لان السنة، وزادوا من عروض تنازلاتهم!


    الهزيمة النفسية لدى أهل السنة تجاه الشيعة
    أرى أن أهل السنة يعانون من هزيمة نفسية تكتسح جمهورهم أمام الشيعة. تتمثل هذه الهزيمة في مظاهر كثيرة منها: اتخاذ موقف الدفاع وليس الهجوم تجاه المسائل الخلافية. فمثلاً حين يهجم الشيعي متهماً إياهم بكره (أهل البيت) تجدهم يتوقفون عند دفع التهمة مع التظاهر بالحب الطاغي لهم من خلال العبارات الترضوية الزائدة عن الحد في مدحهم والثناء عليهم. ولا يتجاوزون ذلك إلى الهجوم باتهام الشيعة بكره الصحابة وتكفيرهم، بل الإساءة إلى أهل البيت أنفسهم، وجعل هذا هو القضية، وليست كره أهل البيت الذي هو مجرد أسطورة لا أثارة من دليل أو شبهِهِ عليها. لقد نجح الشيعة في اختلاق قضية من العدم، بينما فشلنا في تثبيت قضية تشهد لها كل معطيات الواقع والتاريخ!
    ومن مظاهر الهزيمة النفسية توقف المنابر - وحتى المؤلفات والنشرات والصحف - الذي يكاد يكون تاماً عن انتقاد عقائد الشيعة، وممارساتهم العملية، وفضحها على رؤوس الملأ، كالإمامة والعصمة والتحريف وتكفير الأمة وسب الصحابة والتقية والمتعة والزيارة الخ...ما جعلهم يتجرأون في طرحها ونشرها، ورسّخها أكثر في أوساطهم، بل صارت تزحف إلى محيط أهل السنة الذين فقد جمهورهم الحساسية تجاهها.
    ومن مظاهرها بحث الكثير من علماء أهل السنة وكتابهم والناطقين باسمهم عن صلات وعلاقات قربى بين العقائد والشعائر المختلفة عند الفريقين. فبينما تجد نعمة الله الجزائري يقول بكل ثقة وعنجهية ووقاحة فارسية: (إنا لم نجتمع معهم على إله ولا على نبي ولا على إمام، وذلك لأنهم يقولون أن ربهم هو الذي كان محمد rنبيه، وخليفته بعده أبو بكر، ونحن لا نقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول: إن الرب الذي خليفة نبيه أبو بكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا)!1. ولم يردها أو ينكرها عليه أحد من الشيعة. بل هو موضع تبجيل وتقديس لديهم. وتجد محمد حسين فضل الله الذي يتظاهر بالتسامح والدعوة إلى تقريب المذاهب، لا يجيز التعبد بمذاهب أهل السنة، ويجيب سائلاً يسأل: هل يجوز التعبد في فروع الدين بالمذاهب السنية الأربعة، وكذلك بقية المذاهب غير الشيعية؟ فيقول: لا يجوز التعبد بأي مذهب إسلامي غير مذهب أهل البيت عليهم السلام لأنه المذهب الذي قامت عليه الحجة القاطعة)2 ! تجد الكثير من علمائنا يكيلون العبارات التقريبية جزافاً من مثل: دينا واحد ونبينا واحد وعقيدتنا واحدة، حتى أجازوا التعبد بالفقه الشيعي الذي أسموه جهلاً أو تجاهلاً بالفقه أو المذهب الجعفري! ومنهم من



    قال: إننا متفقون في أكثر من 95%من المسائل الفقهية والاعتقادية! ومن هذا الصنف شيخ عراقي مشهور سئل في فضائية دبي في برنامج (الكلمة وأخواتها): عن حكم سب الصحابة؟ فأجاب: من سب أهل البيت فهو كافر، ومن سب الصحابة فهو فاسق!! الشيخ هذا نفسه كان يصرخ من فوق منبر جامع أبي حنيفة في أول خطبة جمعة بعد الاحتلال في بغداد، وذلك في 18/4/2003: (بيّض الله وجوه الشيعة) وقد كررها ثلاثاً! ولا أدري علام يبيض الله وجوه الشيعة: أعلى عمالتهم وممالأتهم للغزاة؟ أم على نهب البلد وتخريبه وإحراقه؟ أم على أي شيء ذلك يكون؟! أخبروني مأجورين؛ فأنا لا أدري! سوى أن هذا هو ديدن الترضويين في كل زمان ومكان.
    وإن أنس لا أنس حين ذهبنا بعدها بأسبوع واحد لا غير، وذلك يوم الجمعة 25/4/2003 إلى اجتماع كبير دعي إليه أئمة مساجد أهل السنة للاجتماع بأحد الوجوه السنية البارزة، ومقدم كبير في الحزب الإسلامي، والاستماع إلى توجيهاته القيمة من أجل رسم الخطوط البارزة للسياسة الحكيمة التي ينبغي أن ينتهجها الشيوخ والدعاة في تلك المرحلة الحرجة التي تجد الحليم فيها حيران لا يدري أين يضع قدمه! وكان مما قاله (علينا بتكوين مرجعية لأهل السنة). هل تستطيع أن تحزر أيها القارئ لماذا؟ (مرجعية مؤهلة لأن تجلس أمام المرجعية الشيعية)!!! ثم أردف وهو يشير إلى القاعة المكتظة بحشود الحاضرين قياماً وقعوداً وقد فاضت بهم فاضطر الكثيرون إلى التجمع خارجها: (من منا مؤهل لأن يجلس أمام المرجعية الشيعية؟ أهؤلاء الشباب؟!)!!! نعم! المهزوم لا يرى في أتباعه إلا صورة نفسه المهزومة المأزومة؛ فهو لا يثق بهم، ولا يحترمهم. جموع حاشدة بالمئات لا يرى فيها أخونا واحداً يصلح للجلوس أمام من؟ مرجعية خائبة، خانعة تافهة، لا تجيد غير التكبر الفارغ على الآخرين لا سيما المهزومين! أي هزيمة تجتاح نفوس (قادتنا)! وهل ينتصر مجموع مهما بلغ من الشجاعة والحكمة إذا كان يقوده أمثال هؤلاء المهزومين المأزومين؟!


    لا تناقض بين الشجاعة الفردية والهزيمة النفسية الجمعية
    رأيت الكثيرين - عندما تتحدث لهم عن هذا الوباء المتفشي في صفوفنا - يحاولون بكل الطرق نفي وجوده كما ينفي المجرم التهمة عن نفسه، لا سيما حين يصل الأمر إلى تسمية بعض الأشخاص المعروفين ووصمهم بالهزيمة النفسية محتجين بشجاعتهم، ومستشهدين بمواقف تثبت هذه الشجاعة. وهذا يعبر عن قلة إحاطة بعلم النفس. لقد مر بنا في موضوع مصطلحات علم النفس أن العقدة (استعداد نفسي لا شعوري مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من السلوك الظاهر والشعور والتفكير). والهزيمة النفسية عبارة عن عقدة فهي مترسبة في (اللاوعي أو الخافية) تجعل صاحبها يتصرف بشكل لا شعوري تصرفات لا تتناسب وحجمه أو عمره أو شخصيته، ما لم يمنع من ذلك موانع قاهرة تؤدي به إلى مزيد من الاضطراب. فمثلاً تجد رجلاً يخاف من حشرة معينة أو زاحف من الزواحف كالأفعى أو سام أبرص (أبي بريص) ولا يحتمل التقرب منه، بينما تجده لا يهاب الموت إذا استدعى الموقف. وتجد آخر لا يطيق النوم وحده في بيت خالٍ مظلم، ويخاف أن يخرج يده من تحت الغطاء. وثالثاً يخشى النظر من الأسطح العالية، أو ركوب الطائرة، أو (دولاب الهواء) في حدائق الألعاب. ولا علاقة لكل هذا بالشجاعة من عدمها. لقد ظل عمر بن الخطاب  يخطب في جموع العرب من الصحابة وغيرهم ثلاثة أيام من أجل التطوع لحرب الفرس، فما تقدم منهم أحد! حتى إذا كان اليوم الثالث غضب منهم غضباً شديداً وصار يعنفهم، فكان أولَ من حمي أنفه منهم أبو عبيد الثقفي الذي صاح من وسط الصفوف المحتشدة: (أنا لها أنا لها) فقال له عمر: (لقد وليتك). بينما كان هؤلاء أنفسهم يتدافعون إلى حرب الروم. أوَ يشك أحد في شجاعة أبي عبيد؟ أم في شجاعة أحد من الصحابة وعموم العرب؟ ولكنها العقدة النفسية المتراكمة تجاه الفرس من طول ما عانوا من أذاهم ومكرهم وغدرهم وفتكهم. وقد توارثنا نحن هذه العقدة، التي لم تزدها الأيام إلا رسوخاً.
    وليكن معلوماً أننا أمام عقدة نفسية جماعية، وليست فردية. فإذا عرفنا أن الفرد عادة ما تذوب صفاته في وسط المجموع أو الجمهور، وتتشكل نفسيته حينما يواجه موقفاً جماعياً تشكلاً جديداً يتقمص أو يتماهى به مع نفسية المجموع، فيمسي تصرفه معبراً عن النفسية الجمعية أكثر مما يعبر عن أصل خصائصه النفسية الذاتية، التي تبرز في المواقف الفردية. أقول: إذا عرفنا هذا عرفنا أن لا تناقض بين شجاعة الفرد وبين كونه يعاني من عقدة خوف أو هزيمة نفسية تجاه أمر ما. فالشجاعة صفة فردية تعبر عن نفسها إما في المواقف الفردية، وإما في المواقف الجماعية تجاه تحدٍ لا يعاني المجموع إزاءه من الهزيمة: كالموقف من الغزو الغربي عموماً والاحتلال الأمريكي لبلادنا خصوصاً. أما التحديات التي يشعر المجموع إزاءها بالهزيمة فعادة ما يتصرف الفرد تجاهها طبقاً للنفسية الجمعية، يدفعه إلى ذلك ترسبات الهزيمة في خافيّته (= لا شعوره) الخاصة به. ولا يجد غضاضة في ذلك ما دام يتصرف ضمن المجموع. إن الجو الجمعي يتلاشى فيه وقع التصرفات المعيبة. فقد ينهزم الفرد مع المنهزمين في ميدان المعركة إذا كان جندياً من الجنود، لكنه ربما لا ينهزم لو كان في موقع القائد. وقد يبكي الشخص مع جموع الباكين، لكنه قد لا يبكي لو كان الموقف يحسب عليه وحده. والعكس صحيح: فإن الجبان في وسط الجمهور الزاحف يبدو وكأن صفته قد اختفت فصار يتصرف كما يتصرف الشجاع؛ لأنه يتصرف بالصفة الجمعية للجمهور1. ومعروف في أوساطنا الشعبية


    أن (ابن الأصول) - أو ابن الحَمولة كما في لهجتنا الدارجة – لا ينحرف كما ينحرف المنبتر عن أصله وعشيرته. والسبب استحضاره – في اللحظة والموقف المعين - للعناصر الجمعية للعشيرة أو العائلة المعروفة التي ينتمي إليها. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم في كون عقوبة الجارية الزانية على النصف من عقوبة الحرة، كما قال تعالى: (فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ) (النساء:25). وشبيه به ما جاء عن هند بنت عتبة رضي الله عنها أنها قالت : (أو تزني الحرة يا رسول الله؟).
    أيها الشجعان! إنكم مصابون بعقدة (الرُّهاب) من الفرس وورثتهم أصحاب التشيع الفارسي. فبادروا إلى علاجها يرحمكم الله.


    المهزوم لا يأتي بحل
    في لمحة سريعة للدكتور نوري المرادي وهو يتكلم في برنامج (الاتجاه المعاكس)
    يوم 24/11/2004 عن مؤتمر (شرم الشيخ) الخاص بمحاولة رسم خطوط عامة لحل مشكلة العراق. في هذه اللمحة تظهر لنا حقيقة عظيمة ما أحرانا أن نقف عندها ! قال
    د. المرادي: (جميع الحكام مهزومون نفسياً. والمهزوم نفسياً لا يستطيع أن يأتي بحل.
    وإن أتى، فهو انعكاس لهزيمته النفسية).
    إن هذا يقودنا إلى البحث عن علاج آخر مخالف تماماً للعلاجات المطروحة في الساحة؛ فهي جميعاً ليست أكثر من انعكاس للهزيمة النفسية التي يعاني منها أصحاب تلك الطروحات المهزومة. وعن علاج ناجع لهذه الهزيمة النفسية الشائعة كالوباء في أوساطنا.


    دواء واحد فقط للعلاج
    عندما تجمع في صفحة واحدة بين عقدة النقص عند مجموع الرافضة، والهزيمة النفسية عند مجموع أهل السنة تجد أن الوصفة الأفضل لعلاجهما دواء واحد يصلح لكليهما مرة واحدة، ولا حاجة لتعدد الأدوية وتشتيتها.
    بعض المتحذلقين يحاول أن يتفلسف فيقول: لا بد من الاحتواء أولاً ثم الاختراق ثانياً. وما هذا إلا التفاف على العمل الجاد من أجل العلاج، ورجوع إلى نقطة الصفر، يعبر عن هزيمة مقنّعة لا تدع صاحبها يضع خطوة صحيحة على الطريق. وذلك تجنباً لمخاطره


    وهرباً من تكاليفه. والحقيقة أنه لا يريد غير المضي في طريق الاحتواء، الذي لا يعني غير المجاملة أو المداهنة، والابتعاد عن طريق ذات الشوكة.إن العقل اللاواعي المهزوم يدرك أن العمر ينفد قبل الوصول إلى نقطة النهاية في طريق الاحتواء، وأن النقطة المؤدية إلى طريق الاختراق بعيدة وليست في حدود دائرة النظر. إنه المنهج الترضوي بثوب جديد! والإسلام لا يعرف هذه الفلسفة.
    لا تستغرب من هذا أيها الأخ الباحث عن الحقيقة! فقد مر الصحابة بمثل هذه الحال، ورصدها القرآن فسجلها في قوله تعالى: (كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ * وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (الأنفال:5-Cool.لكن الصحابة سرعان ما أفاقوا ونهضوا ليتخلصوا من عوارض الوهن، ونحن لا زلنا في وهننا سادرين، لولا بوادر الوعي التي اجتاحت محيطنا أخيراً بسبب انكشاف الأمور على حقيقتها، حين اصطف عامة الشيعة – إلا القلة من الأصلاء منهم - مع المحتلين، وكشروا عن وجههم الطائفي البغيض، فصار يراه الناس أجمعين. لكننا نخشى عند استقرار الأمورأن ينسى الناس ما تكشف لهم من حقائق، ويعودوا إلى ما كانوا عليه من الصمت والمجاملة ومراسيم التقرب والتقريب، لا سيما وكثير من الترضويين أو المتسيسين لا زالوا على أصنامهم الأولى عاكفين.


    ب. الأساليب والمبادئ

    1. الخطاب القوي هو الدواء
    ذكرت قبل قليل أن عقدة النقص عند الشيعي تجعل أي محاولة للتقرب منه يبذلها الآخر ينظر إليها على أنها تعبير عن الضعف. كما أن عقدة السيد أو الاستعلاء الناتجة عنها تجعله لا يعير اهتماماً لأي خطاب لين، أو تبدو عليه أية علامة تفسر لديه على أنها إشارة ضعف. إن السيد لا يحترم إلا سيداً مثله، ولا يستجيب لخطاب العبد بما يليق بمقام السادة. فإذا كنت محترماً فعليك أن تعامله بما يُفهمه أنك سيد بكل معاني الكلمة. أما المتسيد - وهو صاحب عقدة النقص – فلا يحترم إلا من يذله، ولا يشفيه إلا خطاب فوقي يشعره أن الآخر يستحق ليس الاحترام فحسب، وإنما السيادة عليه، والمتبوعية في العلاقة المتبادلة. هكذا يتعامل سادة الشيعة وعلماؤهم مع جمهورهم وعامتهم. وبهذه الطريقة فرضوا عليهم احترامهم ومتبوعيتهم. إن الشيعي يتذلل لـ(رجل الدين) عندهم، ويخضع له خضوعاً عجيباً إلى حد أنه يجلس بين يديه بكل خشوع ليسلمه أمواله ثم يقبل يده وهو يسلمه تلك الأموال، وينفذ أوامره بلا نقاش. ويهدي إليه ابنته كنذر، ليتزوجها بلا مهر! الواقع أن سادة الشيعة وكبراءهم لا يحترمون أتباعهم، بل يستهينون بهم ويتعالون عليهم. وبهذا فرضوا احترامهم وطاعتهم العمياء لهم! وما مثلهم ومثل شيعتهم إلا كمثل فرعون وقومه الذين قال الله عز وجل فيهم: (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ) (الزخرف:54)، ومثل اليهود والنصارى مع أحبارهم ورهبانهم الذين قال الله فيهم: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ) (التوبة:31).
    الخطاب الصريح القوي وحده هو الذي يمكن أن ينفذ إلى عقول هؤلاء، ويلفت انتباهم، ويحظى عندهم بالتقدير والاحترام. وما دونه لا يفسر إلا على أنه علامة ضعف، وكذب وزيف. على أن يستمر هذا الخطاب على قاعدة (الطرق المستمر)، ويسير في اتجاهين:

    أولهما: كشف ما عليه التشيع من باطل في العقائد والشرائع، والتاريخ والواقع، وأخلاق وأحوال المتسيدين والمتفقهين والمراجع. وفضح أصله الفارسي، وعلاقته بإيران بداية ووهدفاً وغاية. وهذا يقدم في الطرح على الاتجاه الثاني وهو:
    بيان الحق المقابل، ودعوتهم إليه. مع التأكيد بوضوع على أنهم ليسوا على شيء حتى يتركوا ما هم عليه، ويقيموا الحق والدين الصحيح.
    هذا بالنسبة لجمهور الشيعة.
    وأما جمهور السنة فإن الخطاب المجامل والضعيف للشيعة لا يزيد أهل السنة إلا انهزاماً ووهناً. إنهم بأمس الحاجة إلى خطاب قوي مدوٍّ ، وقيادات قوية تتقدم صفوفهم، وهي تكشف - بصراحة تامة، ودون تردد أو تلعثم - زيف التشيع، وخطورة المؤامرة الشعوبية، وتعرض الحق والبديل الصحيح بوضوح تام ولو كره المجرمون.
    هذا هو السبيل الوحيد لعلاج الأزمة النفسية التي يعانون منها، وإعادة الثقة إلى نفوسهم، والطريقة الوحيدة التي بها تنطلق قواهم وتتفجر طاقاتهم. وهذا هو الذي قصدته بقولي: إن دواءاً واحداً نحتاجه لعلاج الحالتين، ولا داعي للتفلسف وتعدد الأدوية.


    2. فصل جمهور الشيعة عن مراجعهم
    هذا من أهم الأساليب الجماعية في علاج التشيع الفارسي. وأظنه يمثل نصف المسافة في طريق العلاج. أو نصف جهد العمل كله.
    لقد حصلت الانعطافة الكبرى في مسيرة التشيع بعد القرن الثالث الهجري عندما تمكن زنادقة الفرس - في غيبة الأئمة الكبار من رجال أهل البيت وغيرهم من علماء الأمة - من قيادته والإمساك بزمامه. ولبسوا لذلك العمامة الدينية، وتلبسوا بالزي الديني، وتظاهروا بحب أهل البيت والتباكي عليهم. لقد كان وجود رجل بزي عالم يروي رواية، أو ينشر فكرة، أو يبتدع بدعة ينسبها إلى محمد الباقر أو جعفر الصادق أو غيرهما من أئمة أهل البيت مجرد نسبة يكفي تماماً عند كثير من العوام لقبول ذلك كله مهما كان مخالفاً للمنقول أو مناقضاً للمعقول. وهكذا تمكنوا من تحويل التشيع من مساره إلى دين قائم بذاته أريد له أن يكون هو البديل عن الدين الذي جاء به النبي محمد . فكان ذلك إيذاناً بحدوث الانحراف الخطير في تاريخ التشيع: فقد تحول إلى دين قائم بذاته أصولاً وفروعاً، عقيدة وشريعة وأخلاقاً وسلوكاً1.
    العلاج يمكن أن يتم باتباع الطريقة نفسها، ولكن بمضمون صحيح. وذلك بأن يستلم
    زمام قيادة التشيع علماء صادقون، ودعاة جادون يلبسون الزي نفسه الذي به قاد المزورون جمهور الشيعة. ويقومون بإزاحة أولئك الدجاجلة المزورين شيئاً فشيئاً، وطردهم من مواقعهم في قيادة المسيرة. ولست ممن يستعجل النتائج، فقد صبر زنادقة الفرس بضعة قرون، أفلا يصبر دعاة الحق بضعة عقود ليحصدوا ثمار جهودهم؟
    أما الشروط المطلوب توفرها في هؤلاء العلماء والدعاة فهي:

    عقيدة سليمة
    إيمان صادق
    حب الصحابة
    حب الوطن والاستعداد التام للدفاع عنه
    حب العرب وتبني مبدأ العروبة
    معاداة الشعوبية والشعوبيين
    معرفة كافية بالعجم ودسائسهم
    تبني القرآن الكريم مصدراً لأمهات العقائد والشرائع
    الاحترام الكامل لبقية المسلمين
    رفع السب واللعن عن جميع رموز الأمة من الصحابة فمن دونهم.
    إعادة النظر في كل التراث المنسوب إلى أهل البيت، وتنقيته على أسس علمية صحيحة.
    أن لا تكون لهم تبعية للرموز الحوزوية. ولا يعتمدون عند الظهور فـي موثوقيتهم لدى الجمهور على تزكيتها، بل يُظهرون مخالفتها، ويعملون على تسقيطها،
    واستلام المبادرة لتكوين مرجعية عربية، تكون هي الأساس والمرجع في التوثيق والتجريح.

    أن يكونوا ممن أثبتت الشواهد والاختبار والتجربة صدقهم وموثوقيتهم.
    قد يقول قائل: ما الفرق بين هؤلاء وبين أهل السنة؟ وأقول: ومن قال: إن هناك فرقاً مؤثراً بين التشيع الأصيل والتسنن؟ نحن نريد الرجوع بالتشيع إلى أصله، وهو حب أهل البيت الذي هو أحد مفردات السنة. ثم لا بأس أن يزيد عند البعض فيتميزوا به عن


    غيرهم - دون الوقوع في محظور الغلو - فنسميهم شيعة. هؤلاء هم إخواننا الذين نأمل أن يعودوا بالتشيع إلى أصله الصحيح، ويعيدوا له وجهه المشرق القديم بعد أن سوده أساطين التشيع الفارسي، والجهلة المخدوعون من جمهور المتشيعين.
    يحتاج هذا إلى مهاجمة رؤوس باطل التشيع الفارسي، وتسقيطهم من خلال فضح عقائدهم وبدعهم، وسلوكهم وسوءات أخلاقهم، وهي كثيرة. وهذا منهج قرآني أعرضنا عنه فخسرنا كثيراً. انظر كيف هاجم القرآن المرجعية الباطلة كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:34)وقال: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (التوبة:31). وقال: (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (الجمعة:5).
    ومن هذا الباب تنديده بأبي لهب مشخصاً إياه بالاسم فقال: (تَبَّتْ يَدَاأَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) إلى آخر سورة (المسد). وذكر مرجعيات للكفر أخرى لكنه اكتفى بذكر الأوصاف الدالة دون الاسم كما في قوله: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلافٍ مَهِينٍ * هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ *أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ * سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) (القلم:10-16). وقوله: (أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْداً إِذَا صَلَّى) (العلق:9-10). وقوله: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالاً مَمْدُوداً * وَبَنِينَ شُهُوداً) إلى قوله: (سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) (المدثر:11-26)، وغيرها من الآيات كثير.


    3. فضح تعلق الشيعة المزيف بـ(أهل البيت)
    لا تجد جماعة مبطلة إلا وتتعلق برمز صالح من الأقدمين، تنتسب إليه، وتستمد مشروعيتها من هذا الانتساب المزور. إن فضح هذا الزيف ضرورة من ضرورات إضعاف أهل الباطل؛ لأنه يسحب بساط المشروعية التي يعتاشون عليها، ويستمدون بقاءهم واستمرارهم من خلالها. لذا يؤكد القرآن الكريم على قطع هذه الصلة بين أهل الباطل ورموزهم الصالحة التي يدّعون الانتساب إليها من الأنبياء وغيرهم من الصالحين. كما قال تعالى: (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (آل عمران:67). وقال: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران:68).
    إن الشيعة والتشيع يعتمد في بقائه على ادعائه الانتساب إلى (أهل البيت)، ويستمد قوته وأسباب وجوده واستمراره من هذه الدعوى. فتجريده منها يسحب البساط من تحته، ويظهر وجهه الكالح على حقيقته. أما الاقتصار على مدح علي tفهو اعتراف ضمني بصحة تلك النسبة المزيفة. إنه عبث آن الأوان لأن نضرب على يد أولئك الحمقى المنهزمين كي ينتهوا عنه.


    4. بيان بطلان (خمس المكاسب)
    لو أردت تلخيص التشيع بجملة واحدة لقلت: (دين فاسد وخمس مكاسب). وإذا شبهنا التشيع بالبناء فإن (الخمس) هو أساسه الذي لا يمكن بدونه أن يبنى وتستقر أركانه. إن هذا الدين الفاسد ما كان له أن يقوم لولا تلك الأموال الطائلة التي يستولي عليها كهنة التشيع باسم (الخمس) و(الحقوق الشرعية) وما شابه من المسميات الباطلة. إذن فضح ممارسات أولئك الكهنة في هذه القضية، وكشف زيفها وعدم استنادها إلى أي أساس شرعي يشكل إحدى الفقرات المهمة في عمود التغيير الجماعي المنشود.
    ومما يبشر بالنجاح في هذه المَهَمة أننا وجدنا إقناع العوام – بل حتى النخبة غير المستفيدة – بعدم مشروعية (الخمس) ليس بالأمر الصعب أبداً لو وجد له دعاة مثابرين؛ لكونه يرفع عن كاهلهم التزاماً مادياً مرهقاً ما كانوا يؤدونه لولا اعتقادهم الساذَج بمشروعيته ووجوبه. إن حب المال مركوز في فطرة الإنسان؛ فلا يمكن أن يتخلى عما في يده إلا لدافع قوي كالوجوب الشرعي، فإذا انهار هذا الدافع تخلى عن الدفع. وقد أشار القرآن إلى أصل هذه الحقيقة بقوله تعالى: (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ * إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ) (محمد:36،37).وقد جربنا ذلك في الواقع فوجدنا سهولة واضحة في تخلي الشيعي عن قناعته بمشروعية (الخمس) أكثر بكثير من إقناعه ببطلان أصول عقيدتهم كـ(العصمة) و(الإمامة) وزيارة المراقد، بل وكثير من فرعيات بدعهم. وهذا يشكل لنا مدخلاً مناسباً لضرب الأسس الأخرى للتشيع الفارسي، فإن اهتزاز القناعة بأي مسألة يثير الشك – ولا بد – في بقية المسائل.


    4. اتباع كل الوسائل الجماعية الأخرى
    ليكن معلوماً أن هذا الكتاب موضوع لرسم المنهج المطلوب بخطوطه أو مبادئه العامة. وليس هو موضوعاً للحديث عن العلاج بمسائله التفصيلية؛ فإن هذه جزئيات تتغير بتغير الواقع؛ ولا نحتاج لها إلا عندما نبدأ بالتحرك للتطبيق حسب الظرف أو الواقع المعين. وهنا يجتمع أهل الحل والعقد من غير الترضويين ليضعوا العلاج في ضوء تلك الخطوط والمبادئ العامة. وإذا كان هناك من شيء يضاف هنا فأقول: علينا باتباع كل وسيلة تغييرية جماعية حتى لو كانت هي الهجرة أو التهجير.
    ولا أرى العراق يستقر على حال ما دامت بغداد منتشراً فيها سرطان الشيعة الذي كان السبب الأول في سقوطها بيد الغزاة الأمريكان، والسبب الأول في إطالة أمد بقائهم، من خلال الاستحواذ عليهم ومنعهم من المؤمنين. والحل الأمثل هو برجوع بغداد إلى حالها الأول، وإخراج الوافدين العملاء منها إلى جحورهم القديمة.
    ولمن كبر عليه وقع هذا الكلام أقول: قد استعمل الرسول الأكرم  هذا الأسلوب فقد أجلى اليهود أكثر من مرة كلما نقضوا العهد، أو اصطفوا مع الغازي الخارجي ضد وطنهم. فأجلى بني قينقاع وبني النضير وغيرهم، وأباد بني قريظة عن آخرهم حين ارتكبوا الخيانة العظمى فتآمروا مع الغزاة، وجلبوهم ليحتلوا المدينة المنورة دولة الإسلام الأولى المصغرة، وفي ذلك يقول تعالى: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ*وَلَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ*ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (الحشر:2-4).
    بل جاء الأمر الإلهي صريحاً في تهجير أهل الفتن، كما قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلَِ) (البقرة:191).
    وقال فيمن يتعرض لأمهات المؤمنين بأذى: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً * سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:60-62).

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 26, 2024 7:57 pm